احتفلنا بالخمسينية بدراسة عن السينما الجزائرية تحدث المدير التنفيذي لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الناقد المصري أحمد عاطف، عن أهم التحديات التي تواجه التظاهرة، في ظل الظروف السياسية الملتهبة التي تعيشها البلاد، وإصرارهم على انعقاد هذه الدورة المهمة، حتى لا تزول صفة الدولية عن هذا المهرجان العربي. وتطرق محدثنا، في حوار مع ''الخبر''، إلى تخوّف الطبقة الثقافية والفنية من وصول التيار الإسلامي إلى سدّة الحكم، لما تفرضه من إرادات خاصة بها، ومحاولتها تكبيل الفن. ما هي أهم التحدّيات التي تواجه المهرجان، في ظل الصراع السياسي الذي تتخبّط فيه البلاد؟ بالفعل، مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يقام هذا العام وسط تحدّيات كبيرة، أهمها أنه تم تكليف فريق العمل الحالي، بداية شهر سبتمبر المنصرم، أي قبل شهرين، وهذا الوقت كان ضيّقا جدا بالنسبة لنا للتحضير لهذا المهرجان. كما أن الحراك السياسي الذي تشهده البلاد تجعل البعض متخوّفا من فكرة تجمّع الفنانين في مكان واحد، لكننا والحمد لله تغلبنا على جميع الظروف السياسية الملتهبة المحيطة بنا. كما أننا لمسنا من الجمهور الرغبة في أن يستمر المهرجان بقوة، ويكتمل كمنبر للثقافة والفنون في مصر التي تحتضن دائما الثقافات منذ بداية التاريخ. وكيف يتم تأمين تنقل الضيوف، خاصة مع ازدياد حالة الاحتقان بين مختلف القوى السياسية؟ على مستوى التأمين، هناك اتصالات دائمة بمسؤولي الأمن في وزارتي الداخلية والثقافة، حتى يكون هناك تأمين على ضيوف المهرجان، كما أن الإقامة المتواجدين بها قريبة جدا من مكان الفعاليات. وأريد أن أشير هنا إلى أن الحراك السياسي الذي تعيشه مصر هذه الأيام سلمي، وليس فيه أي نوع من أنواع العنف، والفعاليات ستقام في مواعيدها. يحتفي المهرجان هذه السنة بخمسينية استقلال الجزائر، كيف تم التحضير لذلك؟ رغم ضيق الوقت، إلا أننا اتصلنا بالوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، حتى يكون لدينا أكبر مشاركة جزائرية، وللأسف، ضيق الوقت حال دون ذلك. لكن، يشارك معنا فيلم ''التائب'' للمخرج مرزاق علواش الذي سيحضر بنفسه فعاليات المهرجان في المسابقة العربية، وفكرنا في تعويض قلة الأفلام التي تحصلنا عليها باحتفالية كبيرة بمناسبة مرور خمسين سنة على استقلال الجزائر، بحضور عدد من الكُتّاب والسينمائيين، نعرض خلالها فيلم ''سينمائيو الحرية'' للمخرج سعيد مهداوي. كما تشرّف الناقد السينمائي أحمد فايق بعمل دراسة عن السينما الجزائرية، أعتقد أنها ستثري المكتبة العربية، بدأها بمستقبل السينما الجزائرية وعاد من خلالها للعلامات المضيئة، وأتمنى أن يكون هذا خير تقديم للسينما الجزائرية وتاريخ ثورتها. بالعودة إلى السياسة، ما موقفك من الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي؟ رغم التزاماتي في المهرجان، إلا أنني متواجد باستمرار في ميدان التحرير، وأنا شخصيا ضد أن تجتمع كل السلطات في يد الرئيس، بما في ذلك السلطة التشريعية، ويحصن قراراته ويمنع مجلس الشورى واللجنة التأسيسية من الطعن أو الحل، لأن هذا نوع من أنواع احتكار القرار. صحيح أن هذا الإعلان الدستوري يحتوي على بعض المواد الجيّدة، خاصة فيما يتعلق بإقالة النائب العام وإعادة محاكمة قتلة الثوار، لكننا في حاجة إلى أن يمارس الرئيس دوره على رأس السلطة التنفيذية، مع احترام السلطتين التشريعية والقضائية حتى يحصل توازن في البلد. وحقنا كمصريين ألا يستأثر فصيل أو جماعة بعينها بالقرار، لأن التوازن بين السلطات جزء من الحكم الرشيد والدولة الحرة التي نتمناها. وما رأيك في تخوّف الطبقة المثقفة من صعود تيار الإسلام السياسي إلى سدّة الحكم؟ تيار الإسلام السياسي، سواء أكان بفصائله المختلفة، جماعة الإخوان المسلمين أو التيار السلفي أو التيار الجهادي، وهو أنواع مختلفة، لا يقيس الفن بمقاييس الفن، بل يضع عليه نوعا من أنواع الرؤية المرتبطة بتطبيق ضيّق للشريعة، رغم أن الشريعة طبقت خلال 14 قرنا من تاريخ الإسلام، وقصور الخلفاء الراشدين في تاريخ الإسلام كان فيها من الموسيقى والغناء والرقص، وهؤلاء لم يكونوا حكاما أو ملوكا، وإنما خلفاء المسلمين في الأرض، وكان لهم فقهاء كبار، وهؤلاء الفقهاء أباحوا الفن خلال 14 قرنا. لماذا يطبق الجانب الضيق فقط من الشريعة اليوم؟ وبالتالي، هناك طبعا تخوّف من التيارات التي تفرض إرادتها أو تحاول تكبيل الفن، لكن هذا لن يحصل اليوم، في زمن الأنترنت وأصوات الفنانين العالية، ومع الفن المصري الذي استطاع أن يميّز مصر منذ سنوات، ويعتبر علامة مضيئة في تاريخها، لأن أهم ما يميّز مصر هو الفن والثقافة. وإذا خلعنا منها هذا، ولن يخلع إن شاء الله، لأننا سنقف بالمرصاد أمام أي محاولة، سواء من السلفيين أو غيرهم للدفاع عن مكون أساسي من مكونات هذا الوطن، وهو الإبداع والفن.