لم تساهم زيارة الرقم الثاني لمجمع غاز فرنسا، سويز جون ماري دوغير رفقة الوفد المصاحب للرئيس فرانسوا هولاند، إلى تسوية الأزمة غير المعلنة القائمة بين سوناطراك والشركة الفرنسية بخصوص أسعار الغاز، حيث حاولت غاز فرنسا الضغط على نظيرتها الجزائرية لحملها على مراجعة أسعار تسويق الغاز لها في إطار العقود طويلة الأجل. ومن بين وسائل الضغط دخول فرعها في إيطاليا إيديسون في نزاع قضائي دولي لنفس الأسباب. تحاول الشركة الفرنسية منذ أن استفادت من دعم معلن من حكومة جون مارك أيرو، حمل أهم شركائها ''الجزائروروسيا والنرويج'' إلى مراجعة أسعار الغاز. معتبرة بأنها مرتفعة جدا، خاصة مع توسع نطاق الأسواق الحرة ''سبوت'' التي تنشط فيها معظم البلدان المصدّرة الكبيرة بما في ذلك روسيا وقطر والنرويج والتي تعتمد أسعارا منخفضة جدا مقارنة بتلك التي تعتمد في العقود طويلة الأجل التي تتبنى مبدأ ''الاستيلام أو الدفع'' أي أن المستورد ملزم بدفعها حتى وإن لم يأخذ كل الكمية. وتلوح في الأفق أزمة جديدة على أسعار الغاز مع الشركة الفرنسية بعد تلك المسجلة مع الشركات الإسبانية وإيطاليا التي تتجه إلى تجميد مشروع أنبوب الغاز ''غالسي'' مع الجزائر وتعويضه بمساهمات في مشاريع روسية كبرى على غرار ''ساوث ستريم'' ولم تساهم زيارة الرقم الثاني في غاز فرنسا سويز في إيجاد حلول توافقية، خاصة وأن الجزائر ترفض من حيث المبدأ التفاوض على الأسعار وتؤكد ضرورة التزام الشركاء بما تم التعاقد عليه. ومقابل امتناع سوناطراك عن التطرق لهذا الإشكال، أفادت تقديرات النشرية الفرنسية المغرب العربي السرية، أن معدل سعر الغاز الجزائري المسوق للشركة الفرنسية يتراوح ما بين 10 إلى 12 دولار لمليون وحدة حرارية، بينما يلاحظ أن أسعار الأسواق الحرة تتراوح ما بين 8,3 إلى 3,4 دولار لمليون وحدة حرارية وبالتالي فهو بعيد عن معدل الأسعار المطبّقة من قبل البلدان المصدّرة في إطار العقود طويلة الأجل، وساهم دخول روسيا وقطر إلى هذه الأسواق في دعم موقع البلدان المستوردة التي أضحت تطالب بمراجعة الأسعار. وتعتبر غاز فرنسا أن الأسعار المطبقة تضعف قدرتها التفاوضية مع موزعي الغاز الآخرين الذين يتزوّدون في الأسواق الحرة، وهو ما دفع الحكومة الفرنسية إلى تدعيم مطالب الشركة بخصوص مراجعة الأسعار. وبهدف إيجاد حل يرضي الطرفين، تم اقتراح دخول سوناطراك في مجال التوزيع كما حدث في مشروع ريغانوزا بإسبانيا بالشراكة مع مجموعات أوروبية منها غاز فرنسا. وتقدّر الكميات المسوّقة من قبل سوناطراك لغاز فرنسا بحوالي 10 مليار متر مكعب سنويا، مما يجعل الشركة الفرنسية من بين أهم زبائن سوناطراك، وبالتالي يعقّد الوضع أكثر، لاسيما وأن نسبة كبيرة منها تخضع تحت طائلة العقود طويلة الأجل التي تبقى مرتبطة بسلة من التسعيرات، منها النفط والمواد المشتقة، وهو ما يجعلها أكبر من تلك المعتمدة في الأسواق الحرة.