اندلعت الحرب على حدودنا الجنوبية كما كان متوقعا.. وكانت الجزائر آخر من يعلم كالعادة. ففي الوقت الذي سعت فرنسا إلى استصدار أمر الحرب من مجلس الأمن، كانت الجزائر تعالج الأمور بشيوخ الزّوايا في أدرار.! لأن الجزائر تحولت في سياستها الخارجية، إلى زاوية كبيرة تمارس فيها الديبلوماسية بالسحر والشعوذة وطقوس ''الفريفري'' الديبلوماسي.! في الوقت الذي كانت الطائرات الفرنسية تقنبل معاقل من تسميهم بالإرهابيين، كانت الجزائر تجتمع مع شيوخ الزوايا في أدرار لضرب ''خط الرمل'' وتحرير الديبلوماسيين الجزائريين المختطفين، بأعمال السحر والشعوذة والبحث عن المخطوفين بتسخير هاروت وماروت؟! البلاد التي لا تعرف قيادتها ما يحدث في البريد المركزي، لا يمكن أن تعرف ما يحدث لدى الأزواد.! الوزير الأول الجزائري السلال، يذهب إلى غدامس لمقابلة الوزير الأول التونسي ورئيس حكومة ليبيا.. بعد ماذا؟! بعد أن أصبحت فرنسا والسينغال ونيجيريا، تباشر العمليات العسكرية في الميدان.! ورئيس حكومة مالي يريد زيارة الجزائر بعد أن أشعل الحرب بإرادة فرنسية.! في سنة 1975 أرسل الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان طائرات الجاغوار الفرنسية إلى السينغال استعدادا لاستعمالها ضد الصحراء الغربية وموريتانيا.! ولكن الرئيس بومدين طلب من الرئيس الفرنسي سحب هذه الطائرات فورا.. وإلا قصفها..! وقام جيسكار بالفعل بسحب هذه الطائرات.. رغم أنه وضع القوة النووية الفرنسية في حالة تأهب حمراء.! اليوم ضربت فرنسا ليبيا وحدث ما حدث من مساس بالأمن العام في المنطقة، وكان من تداعياته المباشرة ما حدث في مالي ويحدث الآن.! ولم نسأل لا فرنسا ولا غيرها عن المساس بأمن غيرها بهذه العملية.! وها هي فرنسا، اليوم، تقوم بالفعل نفسه في مالي.. وتداعيات هذا الفعل على أمن الجزائر، لن يستطيع أي واحد تقديره في الحاضر والمستقبل.! ومع ذلك ماتزال السلطة في الجزائر، تمارس سياسة النعام مع هذا الخطر الداهم.! والمصيبة أنه في الوقت الذي قطعت كل قنوات فرنسا الفضائية برامجها، لتعلن بدء العمليات العسكرية الفرنسية في مالي.. كانت قنوات اليتيمة الجزائرية، تتحدث عن ما تسميه بله الدور الريادي والقيادي للجزائر في منطقة الساحل وشمال إفريقيا.؟! نعم، الجزائر لم تفقد دورها في المنطقة.. بل فقدت استقلالها وفقدت حتى كرامتها.. والمعتوهون في السياسة والإعلام البائس، مازالوا يتحدثون عن ريادة الجزائر وعن العهدة الرابعة.. وغيرها من الموضوعات التي تثير القرف الإعلامي والسياسي لكل ذي بصيرة.!