انتشرت ظاهرة المتاجرة في الخبز اليابس بولاية وهران، كما في باقي ولايات الوطن، منذ سنوات عديدة، حيث أصبح كثير من البؤساء يقتاتون منه من خلال المتاجرة فيه، خاصة وأن تجارته لا تحتاج إلى رأس مال. بدأ نشاط جمع الخبز اليابس وبيعه مع الأطفال المنحدرين من عائلات فقيرة، لا تملك مصدر رزق، والذين غادروا مقاعد الدراسة في وقت مبكر من فرط العوز، غير أنه، وبعد مرور الزمن، وانتباه الكثير إلى أن الخبز اليابس ممكن أن يلبي بعض حاجياتهم اليومية، ويسد بعض رمق الجوع صار حتى الكبار في السن والشباب يقومون بجمعه لبيعه والحصول على بعض النقود، وذلك قبل أن تتطور هذه التجارة عند البعض، وأضحى جمع الخبز اليابس بواسطة العربات المجرورة أو السيارات النفعية. وفي السنوات الماضية، كان ممارسو هذا النشاط التجاري يطرقون أبواب المنازل عبر مختلف الأحياء والبلديات، ويسألون أصحابها هل لديهم خبز يابس، وعادة ما يتوفر لهم الطلب وتقدم لهم هذه المادة في أكياس بلاستيكية، وهم، بدورهم، يضعونها في كيس فارينة فارغ ليحملوها على ظهورهم إلى منازلهم أو مباشرة إلى من يشتريها منهم. والبعض الآخر يعتمد على قوة صوته لإسماع السكان أنه يطلب الخبز اليابس، فيقفون أسفل العمارات أو يتجولون عبر السكنات الراقية، مرددين عبارة ''يا للي عنده خبز يابس'' أو ''الكسرة يابسة''، فتجد ربات العائلات أو الأطفال يرمون لهم أكياس الخبز اليابس من الشرفات أو يسلموها لهم باليد إذا كان السكن في الطابق السفلي أو ''فيلا''. لكن في الوقت الحالي، فإن العائلات وجدت طريقة أخرى لتسهيل مهمة جمع الخبز اليابس على من يلهثون وراءه، إذ إنها تضع ما تبقى لها من خبز غير مستهلك في أكياس أمام مدخل العمارة، أو أمام حاويات جمع القمامات، والمعني يجدها جاهزة للحمل دون صراخ أو دق على الأبواب. وعن مصدر تسويق الخبز اليابس، أوضح ''عبد الرزاق''، وهو مراهق يعمل على جمع الخبز، أنه كغيره من الزملاء يبيعونه للممولين ومن يربون المواشي، حيث يقدم غذاء للأغنام. وقيمته المالية يفرضها العرض والطلب، وعادة ما تناهز 150 دينار أو أكثر بقليل لكيس فارينة فارغ ذي وزن 50 كيلوغرام. ويتردد على ألسن سكان ولاية وهران، وهذا ما لم يصرح به تجار الخبر اليابس، أن هناك من يبيعه لمن يصنعون أكلة ''الكرانتيكا''، حيث يخلطونه مع الحمص بعد سحق الاثنين، ويضيفونه للكيفية التي يتم بها تجهيز هذا النوع من المأكولات الوهرانية.