هم أطفال في عمر الزهور تخلوا مبكّرا عن طفولتهم أو بالأحرى اجبروا على التخلي عنها، دخلوا عالم الشغل بكل جدية بعدما اجبرتهم الحياة على التخلي عن طفولتهم مبكرا ليصبحوا رجالا ونساء يحترفون التجارة على الطاولات المنصوبة على أرصفة الطرقات لكسب بضع دنانير لإعالة عائلاتهم. ”السلام” تسلط الضوء في التحقيق التالي على تنامي ظاهرة عمالة الأطفال، حيث أصبحت مشاهد البراعم تبرز في كل وقت، مشاهد مثيرة للشفقة يعايشها الكثيرون بحرقة في مختلف أحياء وأسواق مدينة تيارت. جمع الخبز اليابس ”خبز يابس.. خبز يابس” عبارة تتكرر صبيحة كل يوم في حدود السابعة، حتى صارت اشبه بمنبه هذا ما اكده لنا سكان حي 700 سكن بتيارت، هو صوت الفه سكان هذا الحي على نبرات صوت فريد تقذف اكياس “الخبز اليابس” من شرفات ونوافذ العمارات، اثناء هذا الوقت يستعد اطفال من اقران فريد لمغادرة المنزل والالتحاق بالمدرسة. بنظرات حزينة اختفت البراءة من وجه فريد، وهو يرى اقرانه متوجهين الى المدارس لطلب العلم، بينما هو يستيقظ باكرا لجمع اكياس “الخبز اليابس”. اقتربنا من فريد ليحكي لنا معاناته والظروف التي اجبرته على جمع “الخبز اليابس” يوميا متنقلا بين الاحياء طيلة الفصول الاربعة للسنة. بحي “السينيا” يقطن فريد ذو التسع سنوات وسط عائلة مكونة من الوالدين وسبعة اخوة،بصفته اكبرهم وكذا عدم قدرة الوالد على توفير لقمة العيش للعائلة ما جعل فريد يركب “حماره” رفقة اثنين من اخوته محمد 8 سنوات واسامة 7 سنوات، وهو حل اهتدى له لكسب ماله بعرق جبينه فضلا عن التسول امام في الارصفة وابواب المساجد لمساعدة اسرته. فبعد جمع كمية من “الخبز اليابس” من سكان الاحياء يبيعونه لأصحاب المواشي بمبلغ 50 دج للكيس البلاستيكي بحيث يستعمل هذا الاخير لتغذية الاغنام والابقار. بيع خبز “المطلوع” لأكل الخبز بمجرد ولوج السوق اليومي للخضر والفواكه ب«فولاني” يستوقفك منظر مؤلم يدمي القلب ويبكي العين، اطفال في ريعان الصبا من كلا الجنسين مصطفون على ارصفة الطريق، وأمام كل واحد من هؤلاء الاطفال قفة تحوي المطلوع والذي يباع 25 دج للخبزة الواحدة، سمية، رانية، نوال فؤاد، محمد واخرون وحدت بينهم الظروف المعيشية ليصبحوا من اطفال الى رجال ونساء. ليس الخبز وحده السلعة الرائجة هناك، الاكياس البلاستيكية لحمل الخضر والفواكه او باقات القصبر، المعدنوس والنعناع،يحملها براعم في مقتبل العمر بأيديهم الصغيرة لكسب 5 دنانير للكيس الواحد وهم يجوبون ارجاء السوق ذهابا وايابا “ساشيات.. بورسات” غير واعين بأخطار اشعة الشمس طيلة ايام الاسبوع، وبعد انهاء ساعات الدراسة وخلال العطلة الصيفية التي يتمتع بها اخرون على زرقة البحر. اما يوم الجمعة، يقصد هؤلاء البراعم سوق السيارات بطريق عين قاسمة، لبيع البيض المغلي والتبغ او “الدخان” لقاصدي هذا السوق، ومنهم من يتوجه لبيع الكتب المدرسية الرسمية بعد انتهاء الموسم الدراسي لكسب بعض الدنانير بحجة الظروف الصعبة للعائلة، وغلاء المعيشة في ظل مخاطر كبيرة وسط اماكن الزحام . كما يفضل اخرون البقاء خارجا لحراسة السيارات. جمع القارورات البلاستيكية من المزابل تحت نور الشمس والظلام الدامس، يتجول اطفال سلبت منهم البراءة بين الاحياء والعمارات لجمع البقايا البلاستيكية والمعدنية من وسط المزابل والمفارغ مقابل بيعها ببعض “الدراهم” لجامعي المواد القابلة للاسترجاع. فمغامرات هؤلاء الصغار المعذبين لا تخلو من المخاطر وهذا لكونهم فريسة سهلة للكلاب الضالة وكذا المنحرفين. أخذت عمالة الأطفال انتشارا واسعا خاصة مع نهاية الموسم الدراسي، وعليه لا بد من حماية هؤلاء البراعم باتخاذ تدابير وقائية وكذا تقديم المساعدات الاجتماعية والتي تقع على عاتق وزارة التضامن، هم زينة الحياة الدنيا حرموا من الحب والحنان اجبروا ان يكونوا كبارا لتوفير لقمة العيش لأسرهم الفقيرة فهل من مغيث؟