رفعت الحرب الدائرة في ما وراء الحدود الجنوبية للجزائر سعر السيارات العابرة للصحراء إلى مستوى قياسي، وتحول امتلاك سيارة دفع رباعي في بعض المناطق في الجنوب إلى عبء، حيث تستهدف هذه السيارات من قبل عصابات تبيعها للجماعات المسلحة في شمال مالي بأسعار خيالية. أظهرت عمليات تدقيق أولية باشرتها مصالح البطاقة الرمادية على مستوى عدة ولايات بالجنوب، وجود نشاط خفي لبيع سيارات الدفع الرباعي لوسطاء ومهربين ينقلونها إلى شمال مالي، وتصل هذه السيارات في النهاية إلى يد الجماعات المسلحة. وأظهرت تحقيقات بدأت عام 2007، قيام شركتين وهميتين لتأجير السيارات، يوجد مقر إحداهما بالمنيعة في ولاية غرداية، ببيع عشرات السيارات من فئة ''تويوتا ستايشن'' لأشخاص مجهولين واختفاء هذه السيارات. وقد منعت الدولة تداول هذا النوع من السيارات بين الخواص، بناء على هذه المعلومات. ويعتقد محققون يعملون على ملف تهريب السيارات إلى شمال مالي، بأن الجماعات المسلحة في أزواد تحصل على السيارات من ثلاثة مصادر، أهمها الجنوب الجزائري، عن طريق مهربين، ومن ليبيا وعن طريق شركات جزائرية تعمل في مجال بيع سيارات الدفع الرباعي. وقد وجهت نيابة محكمة تمنراست تهم تهريب سيارات والتزوير ل3 أشخاص من منطقة عين فزام، بعد أن أكدت تحقيقات أمنية تورطهم في شراء سيارات دفع رباعي وتهريبها وبيعها للجماعات المسلحة في شمال مالي. وقد شرعت مصالح الأمن، بالتعاون مع مكاتب البطاقة الرمادية بولايات الجنوب، في عملية تدقيق وتأكيد وجود سيارات دفع رباعي وباقي العربات من فئة ''بيك أب''، بعد أن أكدت التحقيقات الأمنية بأن نشاط تهريب جديدا ظهر مؤخرا، حيث تباع السيارات العابرة للصحراء بأسعار خيالية بعد عبورها للحدود الجنوبية. ويعمل وسطاء جزائريون وماليون، أغلبهم مطلوبون للعدالة، ببيع بعض هذه السيارات للجماعات المسلحة الناشطة في شمال مالي، منذ عدة سنوات، لكن هذا النشاط ازدهر في الأشهر الأخيرة بعد سيطرة الجماعات المسلحة على إقليم أزواد ثم اندلاع الحرب الثانية في جانفي الماضي. وأكدت عمليات التدقيق وجود عمليات تلاعب بالبطاقات الرمادية الخاصة بالسيارات العابرة للصحراء، حيث توجد هذه السيارات في القوائم والكشوف الإدارية، لكنها غير موجودة في الواقع. ويعود السبب الرئيسي لارتفاع سعر السيارات رباعية الدفع، التي يمكنها عبور المسالك الوعرة في الجنوب الجزائري، إلى ارتفاع الطلب عليها فيما وراء الحدود الجنوبية، حيث يتضاعف سعر سيارة الدفع الرباعي أو سيارة ''بيك أب'' نفعية صالحة للسير في الطرق الوعرة ما بين مرتين إلى 4 مرات، مباشرة بعد اجتيازها الحدود الجنوبية. وتباع سيارة دفع رباعي لا يزيد سعرها عن 400 أو 500 مليون سنتيم في الجنوب الجزائري بأكثر من مليار سنتيم فيما وراء الحدود الجنوبية، ويزداد الطلب بشدة على سيارات ''بيك أب'' رباعية الدفع من فئتي تويوتا ونيسان. وقد حذرت نشرات أمنية تم تداولها في مناطق الجنوب من تضاعف عمليات السرقة التي تستهدف السيارات النفعية وسيارات الدفع الرباعي، من أجل بيعها في شمال مالي للجماعات المسلحة. وتداولت مصالح الأمن والدرك ووحدات الجيش في الجنوب، مؤخرا، تقارير سرية، أكدت أن الجماعات المسلحة الناشطة في شمال مالي والتي تقاتل القوات المالية الإفريقية والفرنسية تسعى لاسترجاع ما فقدته من إمكانات قتالية أثناء مواجهة الغارات الجوية المكثفة للطيران الفرنسي، خاصة سيارات الدفع الرباعي التي تعد بالنسبة لهذه الجماعات أهم من الأسلحة.