المغرب الشقيق عدد سكانه يماثل عدد سكان الجزائر.. ولكن الجزائر تصرف على مصالح الأمن ضعف ما يصرفه المغرب الشقيق على أجهزة أمنه.. ومع ذلك، الأمن في المغرب مستتب، وفي الجزائر تعرفون ما يحدث.! ربما يعود السبب في فعالية الأمن المغربي إلى أن أمن المغرب عنده جهة محدّدة توجه له المساءلة.. في حين عندنا لا توجد أي جهة سياسية، أو حتى تقنية، يمكن أن تسأل الأمن عما يفعل.! وعندما تقول الجهات الأمنية المختصة في الجزائر إن البلاد بها ما لا يقل عن 163 ألف حاجز أمني، ومع ذلك لا توجد فعالية في صيانة الأمن العام، فهذا يعني أن جهاز الأمن مدعو إلى إعادة النظر في استراتيجية ممارسة الأمن العام.. فالحواجز العديدة هي مضيعة للإمكانيات، دون ضمان الأمن بالصورة المطلوبة، لهذا، قد يكون الحديث عن الأمن الجواري مسألة مفيدة. ؟ في فرنسا، عدد السكان ضعف عدد سكان الجزائر.. ولكن عدد المساجين في فرنسا يكاد يتقارب مع عدد مساجين الجزائر.. رغم أن الجزائر ماتزال، في طابعها العام، مجتمعا محافظا، لم تتطور فيه الجريمة لتصبح كما هو الحال في فرنسا، جريمة صناعية.! ومايزال الدين في الجزائر يلعب دورا أساسيا في صيانة الأمن العام، أي أن الوازع الديني مايزال أكبر من الحماية الأمنية والقانونية.. ومع ذلك، يحدث في الجزائر ما يحدث من جرائم، وهي جرائم تدل على خلل رهيب في الأداء الأمني العام. ؟ هناك خلل آخر تدل عليه الأرقام الخاصة بإجراءات العفو التي تباشرها الحكومة الجزائرية كل سنة، بمناسبة المواسم والأعياد، مقارنة بما يحدث في تونس أو المغرب أو فرنسا.! وهذا معناه أن إجراءات العفو أصبحت، هي الأخرى، أحد روافد سياسة اللاعقاب واللاقانون، بل وأحد الأسباب في اختلال الأمن العام بصورة مستمرة! قارنوا أرقام العفو عندنا وعند غيرنا، وأنتم تعرفون حجم المشكلة.. فالعفو، عندنا، أصبح سياسة تتخلص بها السجون من المساجين، لرميهم إلى المجتمع من جديد لإقلاق أمنه. ؟ الأمن الجواري الذي تحدث عنه مجلس الحكومة الأخير، قد يكون حلاّ لمشكلة الأمن، إذا كان هذا الأمن الجواري بديلا لسياسة الأمن بالحواجز، وسياسة صيانة أمن السلطة عوض أمن الوطن.. أما إذا كان هذا الأمن الجواري هو إعادة ضخ الأموال في سياسة أمنية بلا أفق، فإن الأفضل للحكومة أن تقرّر تحويل كل بيوت الشعب إلى مخافر للشرطة كي يستتب الأمن العام. يا ناس.. هاهوه.. الأمن ليس مسألة تخص الأمن وحده.