تزحف بحيرة مالحة على أكثر من 100 هكتار من الأراضي الفلاحية في منطقة القوريرات ببلدية بطيوة، شرقي وهران، بفعل المياه التي يضخها مصنع المواد الحديدية التابع لشركة ''توسيالي إيرون ستيل أندستري'' التركية، الذي يغرق هو الآخر في المياه، لكونه يقع في قلب منطقة رطبة. المصنع الذي انطلق إنجازه في أوت 2011، بدأ يواجه مشاكل مع جيرانه الفلاحين، قبل أن يدخل مرحلة الإنتاج التي كانت مبرمجة في جانفي الماضي، حيث غمرته مياه الأمطار والمياه الجوفية المتصاعدة إلى أرضيته، ولجأ مسيّروه إلى استحداث قناة لضخ المياه إلى الأراضي الفلاحية المحيطة به، وتشكلت بحيرة جديدة على مشارف الطريق المزدوج الرابط بين وهران ومستغانم. المصنع المختص في استرجاع النفايات الحديدية وتحويلها إلى حديد بناء ومسطحات حديدية، يتوقع أن ينتج 700 ألف طن من المواد الحديدية. وقد عمدت الشركة التركية إلى إنجازه بالبناء الخفيف، مع تدعيم أرضيته بطبقة مهمة من التراب لامتصاص المياه الجوفية. وبما أن شركة ''توسيالي'' استفادت من حق الامتياز على الأرض التي أقيم فوقها المصنع، والتي وفّرتها له الوكالة الولائية للتسيير العقاري لوهران، رغم أن مديرية المصالح الفلاحية لم توافق على ذلك، كون المنطقة فلاحية ورطبة، فإن ''توسيالي'' تمارس هذه الأيام ضغوطا ''قانونية'' على الوكالة العقارية لوهران، لتتكفل هي بحل مشكل البحيرة، عن طريق ضخ المياه نحو البحر، وهي العملية التي ستكلف مبلغ 300 مليار سنتيم، يرفض الأتراك تسديدها لأن الوكالة التي منحتهم الأرض سلمتهم تقارير وخبرات تقنية لا تشير إلى هذا العامل. وذكرت مصادر مؤكدة ل''الخبر''، أن مصالح ولاية وهران ترفض ''تصحيح خطأ الإدارة السابقة للوكالة العقارية''، ليبقى الإشكال معلقا، وتأخر افتتاح المصنع. وأكثر من ذلك، وقّعت الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار ''أندي''، في 7 مارس الجاري، عقدا جديدا للشراكة مع مجموعة ''توسيالي''، لإنجاز مركب مماثل جديد وفي نفس الموقع، حيث بدأ الأتراك في ردم مساحة كبيرة من السبخة بالأتربة، ما سيزيد من حجم المياه الجوفية المتصاعدة. وفي خضم ذلك، مازالت المياه تتدفق على الأراضي الفلاحية، ويمكن أن تتسبب في تدهور الطريق المزدوج الذي لا يبعد عن المصنع إلا ب400 متر. وبعد أن تضررت مساحات كبيرة من الأراضي الفلاحية المحيطة بالمصنع، اتصل الفلاحون بإدارته التي أسرعت إلى تعويضهم دون اللجوء إلى العدالة المؤهلة لتحديد الأضرار. ووافق الفلاحون الذين يستغلون مستثمرات فلاحية التعويضات المقترحة من شركة ''توسيالي''، عن طريق خبير عقاري، في حين يرفض عدد آخر الصيغة التي اقترحها عليهم الأتراك. ولقد حاولنا الاتصال بمسؤولي شركة ''توسيالي''، إلا أنهم لم يعد لهم وجود في شارع الصناعة بمدينة وهران، حيث يوجد مقرها الاجتماعي، حسبما هو مدوّن في السجل التجاري، كما أن هاتف الشركة لم يعد في الخدمة. وقال لنا عمال وجدناهم في المصنع ببطيوة، إن المسؤولين يوجدون في الجزائر العاصمة.