اضطر الوزير الأول، عبد المالك سلال، مساء أمس، لقطع زيارته إلى ولاية بجاية، بعد تلقيه بيانا من رئاسة الجمهورية يكشف عن تعرض الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، لوعكة صحية أدخلته المستشفى. أصدرت رئاسة الجمهورية، مساء أمس، بيانا أعلنت فيه تعرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى وعكة صحية مفاجئة. وجاء في البيان، الذي نزل على شريط وكالة الأنباء الجزائرية، الساعة السابعة و45 دقيقة، قبل أن يقرأ في نشرة الأخبار للتلفزيون الجزائري على الساعة الثامنة، بأن رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، تعرض، نهار أمس السبت، على الساعة ال 12 و30 دقيقة، ''لنوبة إقفارية عابرة لم تترك آثارا''، حسب ما أعلن مدير المركز الوطني للطب الرياضي، الأستاذ رشيد بوغربال. وأضاف البيان نقلا عن البروفيسور بوغربال أن: ''الفحوصات الأولية قد بوشرت وينبغي أن يخضع فخامة رئيس الجمهورية للراحة لمواصلة فحوصاته''، مطمئنا بأن وضعه الصحي ''لا يبعث على القلق''. وعلى غير العادة، اعتمدت السلطات العليا، أمس، طريقة غير معهودة في الاتصال حول صحة رئيس الجمهورية، حيث كشف الوزير الأول، عبد المالك سلال، محتوى بيان الرئاسة في لقاء جمعه بممثلي المجتمع المدني، مساء أمس في بجاية، قبل أن يعلن عن قطع زيارته للولاية لضرورة تواجده في العاصمة، وتحديدا في رئاسة الجمهورية على الساعة الثامنة والنصف، ما يفهم منه أن سلال قد يكون استدعي إلى اجتماع طارئ لكبار مسؤولي الدولة في العاصمة، وهو ما ينبئ بأن صحة الرئيس مرشحة للتدهور، وبأن مؤسسات الدولة وضعت في حالة طوارئ، وهو ما لم تعودنا عليه فيما سبق حول الوعكات الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وخرج عبد المالك سلال، أمس، من قاعة دار الثقافة ببجاية، حوالي الساعة السابعة والنصف مساء، أثناء تدخل لواحد من ممثلي المجتمع المدني، قبل أن يعود بعد خمس دقائق، طالبا من المتدخلين عدم الإطالة، لأن لديه أمرا مهما يفرض عليه العودة إلى العاصمة والالتحاق برئاسة الجمهورية قبل الساعة الثامنة والنصف. وكشف سلال للحضور عن تعرض الرئيس بوتفليقة لوعكة صحية، ظهر أمس السبت، قائلا: ''لقد تعرض الرئيس، منذ بضع ساعات، إلى وعكة صحية خفيفة، نقل على إثرها إلى المستشفى، لكن وضعيته ليست خطيرة على الإطلاق''. ولم يكشف سلال ولا بيان رئاسة الجمهورية عن المستشفى الذي يكون الرئيس قد نقل إليه. ويأتي الإعلان عن إصابة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد الإشاعات التي راجت، يوم أول أمس الجمعة، عن تعرضه لصدمة دماغية أفقدته القدرة على الكلام، ونقل إثرها إلى سويسرا على جناح السرعة، مع العلم أن ما أصاب الرئيس أمس، حسب البيان الرسمي، يشبه كثيرا الصدمة الدماغية. كما يأتي هذا الإعلان ليضع بين قوسين نهائي كأس الجمهورية بين مولودية الجزائر واتحاد العاصمة، المزمع إجراؤه يوم الفاتح ماي بملعب 5 جويلية، حيث سيضطر منظموه إلى إلغائه أو الاكتفاء بتسليم الكأس من طرف مسؤول آخر في الدولة، قد يكون أحد رئيسي الغرفتين البرلمانيتين، عبد القادر بن صالح أو الدكتور العربي ولد خليفة، لأن كل المؤشرات تؤكد استحالة قيام رئيس الجمهورية بذلك.
المرض رافق بوتفليقة منذ دخوله قصر المرادية 13 سنة من الإشاعات والتفنيدات والجدل
الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو من الثوابت القليلة التي رافقته منذ دخوله قصر المرادية في 1999، فلا يمر شهر واحد إلا ويصدم الرأي العام الجزائري وحتى الدولي بإشاعات تتحدث عن تدهور صحة الرئيس، وعن نقله مرة إلى العاصمة الفرنسية باريس، ومرة أخرى إلى عيادة بسويسرا، ما اضطر الرئيس، قبل أربع سنوات، للاستنجاد بالنجم زين الدين زيدان لتفنيد إحدى تلك الإشاعات التي ذهبت إلى حد الحديث عن ''موته''. وكانت صحة الرئيس موضوع وثيقة لسفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية في الجزائر، مؤرخة ب 30 جانفي 2007 نشرتها وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 24 فيفري 2011، نقلا عن موقع ''ويكيليكس''، كذبت فيها ما جاء في ''وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية'' من أن الرئيس نقل في 2005 للعلاج بفرنسا من إصابة بالقرحة المعدية، مؤكدة على أن الإصابة الحقيقية كانت ''سرطان المعدة''. وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد نقل، في الخامس والعشرين ديسمبر من سنة 2005، إلى مستشفى ''فال دوغراس'' العسكري بالعاصمة الفرنسية باريس، للعلاج من قرحة معدية، حسب ما أعلنته وسائل الإعلام الرسمية حينها، بعد تلقيه الإسعافات الأولية بمستشفى عين النعجة العسكري في الجزائر العاصمة. ورافقت إقامة الرئيس بمستشفى ''فال دوغراس'' نقاشات سياسية وإعلامية كبيرة في فرنسا، لتزامنها مع الحديث عن قانون 23 فيفري الممجد للاستعمار، حيث دعا بعض الناشطين الفرنسيين إلى عدم السماح للرئيس الجزائري بالعلاج في المستشفيات الفرنسية، بينما ثار في الجزائر جدل كبير حول الطريقة التي اختارتها السلطات الجزائرية للاتصال حول الوضع الصحي للرئيس، عندما سمحت لأمير الراي الشاب مامي بزيارته ثم تنشيط ما يشبه ندوة صحفية كشف فيها عن حالة الرئيس الصحية، وبعدها أطلق طبيبه الخاص تصريحا مقتضبا في الموضوع. وتأتي إصابة الرئيس الأخيرة لتزيد من توتر الجزائريين وشعورهم بعدم الاستقرار، خاصة أنها تبدو جادة، حسب ما سجل من طريقة الإعلان عنها، كما أنها تطفو إلى سطح محلي ودولي متحرك، يميزه انطلاق النقاش السياسي حول تعديل الدستور وتأثير الربيع العربي على الوضع في الجزائر، إضافة إلى حالة اللاأمن التي تعيشها الحدود الجزائرية، خاصة الجنوبية منها، والاضطراب السياسي والاجتماعي الذي يضرب ولايات الجنوب منذ أسابيع، إلى جانب ملفات الفساد التي أسالت وتسيل الكثير من الحبر والتي تكون قد دفعت حسب بعض المصادر بالرئيس إلى إبعاد شقيقه السعيد من قصر المرادية .
الرئيس ينقل إلى ''فال دوغراس'' كشفت القناة التلفزيونية الفرنسية ''آر تي آل'' بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نقل، في ساعة متأخرة من مساء أمس، إلى مستشفى ''فال دوغراس'' العسكري بالعاصمة الفرنسية باريس.
بماذا أصيب الرئيس بوتفليقة؟ النوبة الإقفارية العابرة هي اضطراب في نشاط الدماغ، ينتج عن انخفاض مؤقت في تدفق الدم إلى الدماغ. وتكون الأعراض العصبية الناجمة عن النوبات الإقفارية عابرة، وتشبه تلك الخاصة بالسكتة الدماغية، ولكنها تكون مؤقتة وتستمر في الغالب لعدة دقائق أو ساعات معدودة، حيث لا تتعدى 24 ساعة، ولا تحدث ضررا عصبيا دائما. وتحدث النوبات الإقفارية العابرة كنتيجة لانسداد مؤقت في أحد شرايين الدماغ، بسبب قطع تصلب في جدار الشريان أو تجلطات دم صغيرة. وإذا استمرت الأعراض لمدة أطول من 24 ساعة، فهذا يعني أن المريض أصيب بسكتة دماغية. ومن أعراض النوبة الإقفارية العابرة، التي تظهر بشكل مفاجئ، صعوبة في التركيز وحدوث شلل في جهة واحدة من الوجه والأطراف، وصعوبة التحكم في توازن الجسم، وصعوبات في الكلام وضعف الرؤية. وتمس هذه الأعراض الأشخاص الذين يتجاوزون سن ال55.