تثير القيمة المالية المعلن عنها في أعقاب اتفاقية موقّعة بين القرض الشعبي الجزائري ووزارة السكن والمقدرة ب15 مليار دولار، لبرنامج يشمل 300 ألف وحدة سكنية، الجدل، إذ أن مثل هذا المبلغ يمكن أن يسمح بإقامة ثلاث مدن جديدة بتعداد سكاني يتراوح ما بين 30 إلى 40 ألف نسمة، كما يطرح قضية كيفية التحكم في مثل هذه المبالغ الضخمة وتسييرها، في ظل ضعف المنظومة البنكية والقدرة الاستيعابية للمؤسسات المنجزة، حيث يتطلب الأمر توفير أكثر من 16 مليار دينار يوميا وإنجاز 417 وحدة سكنية يوميا كمعدل. رئيس المجمع الوطني للمهندسين المعماريين عبد الحميد بوداود ل''الخبر'' إنجاز 417 مسكن يوميا يعدّ ضربا من الخيال كل مسكن يستهلك 5 ,4 طن من الحديد و20 طنا من الإسمنت لم ننجز برنامج ''عدل'' الأول إلا بعد سنوات، فكيف يمكن تحقيق 150 ألف مسكن خلال سنة؟ شدد رئيس المجمع الوطني للمهندسين المعماريين، عبد الحميد بوداود، على ضرورة إرساء إستراتيجية واضحة المعالم لقطاع السكن، مؤكدا أن الاقتصار فحسب على الإعلان عن إقامة مشاريع ضخمة في ظرف زمني قصير، سيبقى في الواقع في خانة الخيال، خاصة أن التجربة بيّنت عدم القدرة على احترام مواعيد الإنجاز، مشيرا إلى أن القيمة المالية المعلن عنها لإنجاز 300 ألف وحدة سكنية بما يعادل 15 مليار دولار، مبالغ فيها، لأنه لا يمكن أن تفوق تكلفة الوحدة السكنية 4 ملايين دينار. وقال بوداود، في تصريح ل''الخبر''، إن هناك حاجة للتركيز على نوعية السكنات واحترام آجال الإنجاز واستكمال التهيئة الخارجية، وهو ما لم نلاحظه في الكثير من المرات، رغبة في تسليم السكنات أيّا كانت الظروف، فضلا عن قلة المؤسسات القادرة على الإنجاز، مضيفا أن قيمة 15 مليار دولار قادرة على إقامة مدن بكافة هياكلها ومنشآتها وتجهيزاتها ''ولاحظنا أن برنامج ''عدل'' الأول الذي شرع فيه في 2001 لم يستكمل في ''2013، يقول بوداود متحديا أن تعطى الأرقام الفعلية لما يتم إنجازه فعليا سنويا واستكماله بمواصفات ومقاييس مكتملة. وأضاف رئيس المجمع ''لقد طرحنا مرارا تفاصيل إستراتيجية خاصة بالسكن والبناء والتعمير، بداية بضرورة إحصاء كامل للإرث الموجود الذي يتضمن البناء المكتمل وغير المكتمل والأوعية العقارية''، منتقدا الرغبة في التركيز على التجمعات السكانية الكبرى والمدن الكبيرة، مشيرا إلى غياب الوعاء العقاري، بينما مساحة البلاد شاسعة في الشمال والهضاب العليا مقارنة بالعديد من البلدان. وأشار بوداود إلى أن هناك غيابا لإستراتيجية واضحة، ما يثير العديد من نقاط الظل، فالجزائر تنتج 13 إلى 15 مليون طن سنويا من الإسمنت ''ونلجأ بعدها إلى الاستيراد، رغم أن مليون مسكن على مدى خمس سنوات يحتاج إلى 20 مليون طن من الإسمنت بمعدل 4 ملايين كل سنة، فهناك خلل إذا، فكل مسكن يحتاج إلى 5,4 طن حديد و20 طنا من الإسمنت و40 طنا رملا و80 طنا حصى و4500 وحدة للآجر و5, 2 طن من الجبس وحوالي شخصين إلى ثلاثة، مع العلم أن هناك 34 ألف مؤسسة إنجاز وحوالي 1200 مركز تكوين ''فلماذا نشهد دوما نقص وندرة في اليد العاملة ومواد البناء''. سؤال آخر يطرحه محدثنا ''كيف لم نفكر يوما رغم اعتماد سياسة الأبراج، في إقامة وحدة صناعية للمصاعد. ولدى ''عدل''، حاليا، 1465 مصعد، جزء معتبر منها متوقف، يضاف إليها استيراد كميات كبيرة من الإسمنت سنويا، دون وجود مخابر للتدقيق في النوعية، فأين هي الاستراتيجية''، مضيفا ''كيف سيتم تسيير 6, 16 مليار سنتيم يوميا من الالتزامات المالية وإقامة 417 وحدة سكنية يوميا و12500 وحدة شهريا، مع توفير 8340 طن من الإسمنت يوميا وتوفير 417 شاحنة يوميا لنقل الإسمنت لمختلف الورشات''. وركز بوداود على الدور السلبي للإدارة ونقص المراقبة وقلة المؤسسات القادرة على الإنجاز، مشيرا إلى أن البرامج المحددة بمثل هذه الطريقة غير قابلة للتطبيق، مضيفا أن الإدارة غير مهيأة ولا مكيفة لتسيير مشاريع بهذا الحجم وبالليونة المطلوبة، وبالتالي تساهم في تأخير مؤسسات الإنجاز، و''مادمنا لم نستلخص الدروس من التجارب السابقة، فإننا سنجد أنفسنا في نفس الوضعية، فدراسة الأرض واختيارها يتم من قبل الإداري، بينما يتعيّن أن تكون من قبل المختص والمهندس، كما أن الدراسة يجب أن تنضج وهي أطول مدة من الإنجاز، بينما نجد في الجزائر أن مدة الإنجاز تفوق بكثير مدة الدراسة وتمتد أحيانا لسنوات''، مستطردا ''ليس لدينا بعد ثقافة بناء وهو ما انعكس على طبيعة العمران والمدن، كما أن الجميع في الجزائر مهندس معماري إلا المهندس نفسه، وليس هناك تواصل بين الإدارة وصاحب المشروع والمقاول''.