ما تعليقكم على قرار إثيوبيا تحويل مجرى نهر النيل الأزرق، والذي جاء مباشرة بعد مغادرة الرئيس مرسي للأراضي الإثيوبية؟ زيارة الرئيس لم تكن لها علاقة بملف المياه، وإنما لحضور احتفالية مرور خمسين سنة على إنشاء الاتحاد الإفريقي، وقرار تحويل مجرى النيل الأزرق صدر من إثيوبيا منذ أكثر من أسبوعين، وهذا يشكل خطرا حقيقيا على مصر، حيث تعتزم الحكومة الإثيوبية بناء سد النهضة، وتحويل مجرى نهر النيل الأزرق لإخلاء نقطة من أجل إنشاء جسر للسد، وبناء فتحات لمرور المياه بعد الانتهاء من بناء السد عام 2015، وبعدها تظهر تداعيات ذلك على مصر والسودان. وكشفت البيانات المعلومة بأن السد سوف يولد 6 آلاف ميغاواط / ساعة سنويا، وطاقة تخزينية ب67 مليار متر مكعب من المياه، ويلزم لتشغيل السد تخزين 25 مليار متر مكعب في السنة الأولى، وعملية التخزين تستغرق 50 يوما، وستخصم من حصة مصر والسودان بواقع النصف لكل منهما، فيتم خصم 12,5 مليار متر مكعب من مصر هذا العام. والسؤال هل ستنقطع المياه والكهرباء عن مصر طوال الخمسين يوما، مثلما فعلت تركيا مع سوريا والعراق سنة 1990، عندما قطعت الكهرباء عنهم لمدة شهر كامل. وما مدى تأثير ذلك على مصر؟ تقليل نسبة المياه سيؤثر كثيرا على مصر، في ضوء ما تعانيه من نقص وأزمة شديدة في الكهرباء والماء، حيث ستقل نسبة المياه أمام السد العالي، وسيؤثر ذلك سلبا على الطاقة الكهربائية، ويحرم مجرى النيل من الإطنان المائي اللازم لمصر والسودان، وهذه السلبيات ستتضاعف بعد عام 2015 إذا جاء تساقط المياه شحيحا على إثيوبيا، مثلما حدث في السبعينيات من القرن الماضي، حيث كانت تعاني من نقص حاد في المياه. وأشير هنا إلى أن تصريحات المسؤولين الإثيوبيين بأن ذلك لن يؤثر على مصر، يهدف إلى تهدئة الموقف حتى يتم التغاضي عن استئناف عملية بناء السد، ووضع السلطات المصرية أمام الأمر الواقع. وكيف ترون صمت الرئاسة المصرية حيال الأزمة؟ هذا يمثل تقاعسا من المسؤولين المصريين وعدم فهمهم وإدراكهم لهذه الأزمة، فقد فشلوا في الماضي في إدارة الملف، وقد فات الأوان لأن تتدخل مصر في السماح ببناء السد أو رفض ذلك، ويجب عليها أن تنتبه وتضع حدا للخطوات التالية، لأن التالي أكثر خطورة من الوضع الحالي، حيث تعتزم إثيوبيا بناء ثلاثة سدود أخرى مستقبلا، إضافة إلى سد النهضة، وهي "نابيل"، "ميندايا" و«الكرادوبي"، وإن استمرت الحكومة المصرية في التقاعس ستحرم شعبها من 50٪ من مياه نهر النيل الأزرق. وما هو الحل حسبكم؟ يجب على مؤسسة الرئاسة أن تفكر في زيادة إيراداتها المائية، وأن تتفاوض مع الجانب الإثيوبي حول التقليل من الآثار السلبية لسد النهضة، مع وقف بناء باقي السدود في إطار مبادرة حوض النيل، التي تفرض قاعدة دولية للعلاقات المائية، والتي تنص على حق الإخطار المسبق لإقامة مشروع مائي، وهذا ما ترفضه إثيوبيا التي تزعم بفشل مبادرة حوض النيل وتطالب بإعادة النظر في حصة مصر من مياه النيل، وتقول إن حصة مصر لن تتأثر، وفي الحقيقة لا نعول كثيرا على حكومة الدكتور هشام قنديل في إيجاد حل للأزمة، حيث إنه تم وضع حجر الأساس لمشروع سد النهضة في عهده، أثناء توليه منصب وزير الري. وأعتقد أن هذا الملف ليس من اهتمامات مؤسسة الرئاسة التي تهتم بأجندات أخرى. ألا تتوقعون قيام دول أخرى ببناء سدود، كأوغندا مثلا؟ المياه التي تأتي من الدول الاستوائية إلى مصر والسودان تمثل 14٪ فقط، وهي لا تستطيع بناء سدود لتوليد الكهرباء، لأن مياهها تتجمع في الأحراش، والتخوف من الجنوب غير وارد لدى مصر، لأن التأثير الكبير من إثيوبيا.