كما كان متوقعا، نفذ رئيس الوزراء التركي تهديداته بطرد المعتصمين في منتزه ”جيزي” في ميدان تقسيم بإسطنبول بالقوة، بعد ساعتين من خطابه الذي ألقاه مساء أول أمس في أنقرة أمام تجمع شعبي كبير حضره عشرات الآلاف من أنصاره، فيما قدرته تلفزيونات تركية بنحو 600 ألف مشارك، ورغم أن المعتصمين عادوا في ساعة متأخرة من ليلة أول أمس ومعهم الآلاف من المحتجين إلا أن الشرطة التركية وقوات مكافحة الشغب تصدت لهم بقوة، وأغلقت جميع المنافذ المؤدية إلى ميدان تقسيم. استيقظت تقسيم أمس الأحد بوجه مغاير تماما عن الوجه الذي عرفته طيلة أيام، فحركة السير وسط الميدان أغلقت بشكل تام، ولا ترى سوى شاحنات التنظيف أو سيارات الشرطة تجوب الميدان، بالإضافة إلى عمال النظافة الذين تكفلوا بغرس الورود وتزيين المكان، وسمحت الشرطة التركية ل”الخبر” بتجاوز الخط الأمني الأول والثاني ودخول ميدان تقسيم، إلا أنها منعتنا على مرتين من دخول منتزه ”جيزي” الذي يوجد وسط الميدان والذي اعتصم فيه المحتجون طيلة 16 يوما. واختفى أمس المحتجون من شوارع تقسيم باستثناء جماعة صغيرة لا يتجاوز عددها 15 فردا كانت تجلس بالقرب من مقر الحزب الشيوعي التركي في شارع الاستقلال المؤدي إلى ميدان تقسيم، وكانت تردد من حين إلى آخر شعارات مناهضة للحزب الحاكم وتدعو إلى رحيل أردوغان، بينما تمركزت قوات مكافحة الشغب والشرطة بلباس مدني في مختلف الطرق والأزقة المؤدية إلى تقسيم. ورغم الهدوء النسبي الذي ميز ميدان تقسيم ظهر أمس، إلا أن الأجواء تبدو مكهربة ولا أحد يدري ما قد يحدث ليلا، خاصة وأن المحتجين ومعظمهم من الشيوعيين أو اليساريين الأكراد لا يبدو أنهم استسلموا نهائيا، حيث أعلن اتحاد النقابات العمالية والذي يعد من أكبر النقابات اليسارية في تركيا عن إضراب عام نهار اليوم الاثنين. من جهته نجح أردوغان في حشد مئات الآلاف من الأتراك الذين يؤيدونه ويريدون الاستقرار، ومنزعجون من عمليات الحرق والتكسير التي قادها المحتجون الشيوعيون من أتراك وأكراد وعلويين. ويحاول أردوغان من خلال تجمعي أنقرة واسطنبول استعراض شعبيته وجر المحتجين إلى ملعبه السياسي الذي سبق وأن هزم فيه الأحزاب العلمانية والمؤسستين العسكرية والقضائية، إذ أنه لازال يحظى بتأييد شعبي كبير، خاصة في إسطنبول حيث توافد الآلاف من أنصاره إلى ميدان ”كازليشيشما” في بلدية ”زيتون بورونو” بإسطنبول منذ الصباح لحجز أماكنهم رغم أن التجمع بدأ مساء.