3 الدّين والمقاومة الشّعبية ما هي أسباب خلاف ابن عطية مع قيادات المقاومة الشّعبية؟ تحدّث العربي بن عطية الدرقاوي عن الفتن وتنبّأ بفشل ثورة شيخه بن شريف الدرقاوي ضدّ الأتراك، وهنا يتعرّض إلى زوال ملك مولاي سليمان العلوي وسجن مولاي العربي الدرقاوي وموت سيّدي محمد بن أحمد والقبض عل أخيه عبد الله بن حواء قتيل الترك وسيّدي محمد بن علي فرقان. وساق رؤية تعبّر عن الفتنة: [رأى غمامة قادمة من الغرب ودخل وسطها ورأى الرّسول عليه السّلام والقصد هنا فتنة التجاني وأصحابه وموت محمد بن القندوز]، في هذا الجو استولَى عليه القبض وأراد الانتقال من بلاد الشلف إلى سكنى الجبال والذهاب إلى بلاد المشرق ورأى حالة الوحل والغرق “الاستعمار الفرنسي” وتنبّأ بهلاك الترك. يتحدّث عن حالات القبض والحزن كمعاناة وجدانية ونفسية في آخر العهد التركي بالجزائر ودخول الفرنسيين، وفي خضم الخلاف حول الهجرة من عدمها الّتي كانت منارة بين العلماء والفقهاء في أرض يحكمها الكفار كثرت عليه الرُّؤى، ويستشهد هنا بحديث الرّسول عليه السّلام: “أنا بريء من كلّ مسلم مقيم بين أظهر الكافرين”، وقد رأى في المنام أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم متوجّه إلى نحو المشرق، وهنا خلاف مع تلميذه لم يصرّح به الّذي رفض الهجرة وهو عدّة بن غلام الله، وهنا يستثمر الرُّؤى المنامية كأدلة على فتواه في الهجرة. الرّسائل في مجملها دعوة إلى الرُّجوع للتّصوف في صفائه، ومن بين أزمات التّصوف في عصره كثرة المشايخ وادعاء المشيخة وفسَاد العلاقة بين الشيخ والمُرِيد. وقد أثّرت الأحداث المرتبطة بالعهد الأخير للعثمانيين في الجزائر واحتلال فرنسا على نفسية الصّوفي ابن عطية الدرقاوي الونشريسي، كما أنّ الخلاف حول “واجب الجهاد” أو “الهجرة” ألقَى بظلاله على مجموع الفقهاء والمتصوّفة في وحدتهم، وذلك عامل خلاف بعضهم مع الأمير عبد القادر. حاولنا في هذه الحلقات الثلاث تقديم مخطوط قيمته في تعرّضه لمسائل تاريخية، ويُساعد الباحث في الكشف عن الخلاف بين المقاومة الشّعبية وبعض النخب العلمية والفقهية. أستاذ بجامعة وهران