حذر الأئمة ونقاباتهم من تحكم جماعات ضغط وتيارات متشددة في تسيير المساجد، إلى الحد الذي يؤدي إلى تحويل أو توقيف بعضهم بسبب هؤلاء. وجدد الأئمة مطلبهم بتمكينهم من الحصانة والحماية التي تسمح لهم بتأدية مهامهم بعيدا عن أي شكل من أشكال الضغط والتعسف في حقهم. تطرح مجددا مهام الإمام في قريته أو حيه إشكالا كبيرا، حيث كان رفض إمام قرية إمزيزو بولاية تيزي وزو تلاوة القرآن على أحد المتوفين سببا في مطالبة المواطنين برحيله من هذا المسجد، وهو المطلب الذي لم يتردد مدير الشؤون الدينية والأوقاف في الاستجابة له، وهو ما يوحي أن الإمام ارتكب خطأ من الدرجة الثالثة في قانون الوظيف العمومي يستوجب النقل الإجباري. إلا أن عددا من الأئمة أكدوا أن قراءة القرآن على الموتى لم تكن في يوم من الأيام من المهام التي يجب على الإمام القيام بها، موضحين أنها مجرد تقليد في المجتمع اختلف العلماء بشأن جوازه. ويرجع الأئمة ما يتعرضون له إلى ضعف إدارة الشؤون الدينية التي يقولون إنها أهملتهم وأصبحوا كبش فداء كلما شب نزاع بين إمام ومواطنين، معتبرين أن عقوبة الإمام أصبحت القاعدة المعمول بها كلما كان هناك نزاع في مسجد. وحذر جلول حجيمي أمين عام التنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية أمس، من القرارات التعسفية التي تتخذ في حق عدد من الأئمة بسبب ضغط المواطنين ولجان المساجد على مديريات الشؤون الدينية والأوقاف، بالإضافة إلى تيارات دينية متشددة لا تزال متحكمة في تسيير المسجد ومن يعمل فيه. وقال المتحدث ل “الخبر” إن “أي قرار يجب أن يستند إلى المجالس العلمية، ودراسة الملفات المطروحة بشكل جدي”. ووصف جلول ما حدث في تيزي وزو نهاية الأسبوع بما عرف بحادثة تحويل إمامين رفضا تلاوة القرآن على أحد الموتى، بأنه “تعدٍّ على حق الإمام”، لأن الأمر لا يتعلق برفضه أداء مهمة مسندة إليه في وظيفته أصلا. ولم ينف المتحدث وجود “حالات تعسف وظلم في حق الأئمة التي تصل إلى حد الطرد، بسبب ما يتعرض له الإمام من ضغوطات اجتماعية”. من جهته، أشار رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي الشؤون الدينية جمال غول إلى أن “الأئمة يتعرضون لمضايقات وضغوطات مافيا مشكَّلة في غالبها إما من لجان دينية أو من أنجزوا المساجد، وهو أمر غير مقبول ويجب أن تمنح للإمام حصانة يتصدى بها لأي مضايقات ولا يكون تحت ضغوطات كل من هب ودب”. وذكر غول بأن هناك حالات بلغت فيها القرارات الإدارية التي أقرتها مديرية الشؤون الدينية والأوقاف في عدد من الولايات التي شهدت مشكلات مشابهة حد الطرد، خصوصا أن هناك فراغات قانونية، وقال إن حوالي 20 ألف إمام موزعين عبر 16 ألف مسجد عبر الوطن، يعيشون على أعصابهم بسبب المضايقات التي يتعرضون لها وتحكم بعض الجهات في مؤسسة المسجد التي يعمل فيها هؤلاء. وتشهد العديد من قرى ولاية تيزي وزو نزاعات بعضها لم يخرج للعلن بين المواطنين والأئمة حول بعض العادات والتقاليد التي يرفض بعض الأئمة الشباب الامتثال لها، في حين يراها المواطنون مبادئ دأبت عليها المنطقة منذ عشرات السنين دون أن ينكرها أحد. وتحصي ولاية تيزي وزو 800 مسجد لم تكن تعرف أي نزاع بين الإمام والمواطنين من قبل، ولم يسبق لأي قرية في التاريخ أن طردت إمامها، إلا أن بعض التيارات الدينية التي بدأت في التوسع في السنوات الأخيرة تسببت في خلق حساسيات بلغت حد النزاع وطرد الإمام.