من المنتظر اليوم في تونس أن يعلن رئيس الحكومة الحالي علي العريض استقالته في إطار توافق بين الإسلاميين الحاكمين والمعارضة على خارطة طريق تفرض استقالة الحكومة الحالية وواستبدالها بحكومة من المستقلين للخروج بالبلاد من الأزمة التي تعيشها منذ أشهر. يطلق الاسلاميون الحاكمون في تونس والمعارضون الاربعاء شهرا من المفاوضات سعيا لتسوية ازمة سياسية عميقة على ان يعلن رئيس الوزراء بهذه المناسبة التزامه بالاستقالة من منصبه.وفي موازاة ذلك من المرتقب تنظيم تظاهرتين متعارضتين في شارع الحبيب بورقيبة في تونس، مركز الثورة في كانون الثاني/يناير 2011، احداهما عند الساعة 11,00 ت.غ. تنظمها المعارضة لابقاء الضغط على اسلاميي حركة النهضة والاخرى صباحا بدعوة من رابطة حماية الثورة للدفاع عن "شرعية" القادة التونسيين الحاليين.ونشرت الشرطة منذ الصباح تعزيزات في هذا الشارع الرئيسي في العاصمة التونسية واغلقت بعض الطرقات لمنع حصول تجاوزات.ومن المقرر ان يتراس رئيس الوزراء الاسلامي علي العريض اجتماعا استثنائيا لمجلس الوزراء وبان يلقي كلمة عند الساعة 13,30 ت.غ. وبحسب مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) فان الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية ستتعهد تقديم استقالتها بعد ثلاثة أسابيع التزاما بخارطة طريق طرحتها المركزية النقابية لإخراج البلاد من ازمتها السياسية.وقال بن جعفر في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الثلاثاء "من المفروض ان تقدم (الحكومة) تعهداتها باحترام +خارطة الطريق+، وبعد اسابيع تقدم استقالتها".وتعقد الاربعاء أول جلسة مفاوضات مباشرة بين المعارضة والحكومة برعاية الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) ومنظمة ارباب العمل، وعمادة المحامين، ورابطة حقوق الانسان التي طرحت "خارطة الطريق".وبحسب هذه الخارطة سيتم خلال الجلسة الاولى للمفاوضات المباشرة "الإعلان عن القبول بتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة تحلُّ محلّ الحكومة الحالية التي تتعهد بتقديم استقالتها (...) في أجل أقصاه ثلاثة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني".وأضاف مصطفى بن جعفر ان "المرحلة القادمة تتطلب حكومة غير متحزبة".والثلاثاء، اعلن نحو 60 نائبا كانوا جمدوا عضويتهم في البرلمان منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في تموز/يوليو الفائت، انهم لن يعودوا الى البرلمان إلا بعد استقالة الحكومة.ويتزامن اطلاق "الحوار الوطني" مع الذكرى الثانية لانتخاب المجلس التأسيسي في اول انتخابات حرة بتاريخ تونس وقد فاز فيها اسلاميو حركة النهضة.وهذا الحزب الذي كان يتعرض للقمع في ظل نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي اضعف كثيرا في الاشهر الماضية اثر اتهامات بالتراخي مع اسلاميين متطرفين ومساس بالحريات العامة واقتصاد متداع.وبعد ثلاثة اشهر من الازمة ووعود بتسوية لم يتم الالتزام بها واطلاق متعثر لمفاوضات في 5 تشرين الاول/اكتوبر، تحدثت الصحف التونسية الاربعاء بلهجة شديدة عن الطبقة السياسية.وكتبت صحيفة لوتان في افتتاحيتها "حوارا وطنيا ينطلق في يوم ذكرى رمزية لكنه ينطلق مرهونا بهيمنة الشك وازدواجية اللغة والمواقف الغامضة".وكشفت "لوكوتيديان" من جهتها ان "ساعة الحقيقة اقتربت بخطوات كبرى" لتونس التي تواجه مخاطر الانزلاق نحو "مستقبل غير اكيد واكثر فوضوية". وتاخذ المعارضة على الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تتراسه حركة النهضة بانه سمح بانبثاق مجموعات جهادية مسلحة مسؤولة خصوصا عن اغتيال معارضين اثنين بارزين هذه السنة وهجمات على قوات الامن.ويرفض الاسلاميون هذه الاتهامات مؤكدين انهم "في حرب ضد الارهاب". وهكذا انتهت عملية مسلحة اطلقت الاسبوع الماضي بعد مقتل عنصرين من الحرس الوطني بمقتل تسعة مقاتلين.لكن الحكومة تواجه ايضا نقمة من قوات الامن احتجاجا على قلة التجهيزات ووسائل مكافحة المجموعات الاسلامية المسلحة التي ازداد نشاطها بشكل مثير للقلق خلال الفترة الاخيرة.فقد منع ممثلون عن نقابة الشرطة التونسية الجمعة قادة البلاد الثلاثة من المشاركة في حفل تأبيني لعنصري الحرس الوطني اللذين قتلا الخميس برصاص مجموعة مسلحة.ووجه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء علي العريض ورئيس المجلس التاسيسي مصطفى بن جعفر، بصيحات استهجان من قبل متظاهرين بعضهم بالزي العسكري وبعضهم الاخر بالزي المدني، لدى وصولهم الى مكان تأبين اثنين من عناصر الحرس الوطني في ثكنة العوينة في ضواحي تونس.