بالرغم من مرور أكثر من سنة ونصف على انطلاق أشغال إعادة تهيئتها وترميمها، يبقى مرضى العيادة المتخصصة في جراحة القلب ببئر مراد رايس "محمد عبد الرحماني"، يعانون الويلات، سواء بالنسبة لمن لازالوا ينتظرون أدوارهم لإجراء عمليات جراحية، أو هؤلاء الماكثين بها في ظروف ساءت، بعد أن كشف فصل الشتاء عن عيوب ما تم منها من أشغال، ليجعل عددا من غرفها تغمره المياه وأخرى تتحوّل إلى غرف تبريد، لم تسلم منها حتى قاعة الاستقبال. وقفت “الخبر” في زيارة قادتها إلى أحد مرضاها بالعيادة، على الظروف الصعبة التي يعيشها المرضى، بسبب عدم انتهاء الأشغال بهذه الأخيرة، والتي انطلقت منذ شهر فيفري من السنة الماضية، والتي لم يكن لتستمر لأكثر من 4 أشهر. وتزامنت زيارتنا إلى العيادة بغلق غرفتين منها، رقم 8 و9، بعد أن غمرتهما مياه الأمطار، ليتم الإسراع إلى إجلاء مرضاها إلى غرف أخرى، بعد أن عاشوا ليلة سوداء من البرد. واشتكى العديد من المرضى الذين زارتهم “الخبر”، من معاناتهم من شدة البرد منذ انطلاق موجة البرد الأخيرة، قبل أن تقرر الإدارة تشغيل المدفآت، في الوقت الذي يستمر فيه عدد آخر منهم في معاناتهم، بالرغم من تشغيل المكيفات التي لا ترقى لتغطية البرد الشديد المسجل خلال الأسابيع الأخيرة. والتقت “الخبر”، في عين المكان، بامرأة كانت تتوسل الطبيب للإسراع في إجراء العملية الجراحية الخاصة بابنها، قبل أن يتعرض لنزلة برد يمكن أن تؤخر من إجرائها. وما يؤكد شدة البرودة والمعاناة التي يقاسيها مرضى العيادة، والذين يستنجدون بالوزير في صمت، خوفا من أي رد فعل من الإدارة، هو الحالة التي كان عليها أغلب المرضى والذين كانوا يتدثرون ببطانيات وألبسة كثيرة لا تعكس وجودهم في غرفة مغلقة، وذلك بحثا عن الدفء. من جهة أخرى، ونتيجة لتقلص عدد الغرف بسبب غلق أربعة منها، هي الآن في ورشة أشغال مغلقة، طالت لأكثر من أشهر، اضطرت إدارة العيادة للإبقاء على الحالات الاستعجالية فقط، ليتم وضع ثلاثة مرضى في غرفة تتسع لاثنين فقط. أما بالنسبة لتلك غير المستعجلة، فقد تم تأخير التحاقها بالعيادة، ناهيك عن عدم توفر بعض الأدوية المستعملة، خاصة في جراحة القلب الخاصة بالأطفال. وبعد أن كانت هذه العيادة، قبلة لجزائريين عانوا الويلات في انتظار طوابير غير منتهية، لإجراء عمليات معقدة بالخارج، عاد هؤلاء وبسبب أشغال ترميم لم يعرف المسؤول عن تأخرها، ليعيشوا نفس الوضعية في ظل عدم توفر عيادات وطنية متخصصة في جراحة القلب عبر التراب الوطني. وتقلص عدد المرضى الذين تستقبلهم عيادة محمد عبد الرحماني من 800 مريض سنويا، إلى أقل من 400 خلال السنوات الأخيرة، في ظل غياب المراقبة ومحاسبة المسؤولين عن الوضعية التي آلت إليها عيادة هامة مثل محمد عبد الرحماني، والتي أنجزتها الحكومة لتقليص فاتورة إجراء عمليات جراحية بالخارج. من جهة أخرى، تم إبلاغنا من طرف بعض المرضى، بأن فرق تفتيش لوزارة الصحة تقوم بزيارات دورية للعيادة، لكن دون أي متابعة للوضع. وتأتي دوريات التفتيش هذه في إطار سلسلة التحقيقات التي قام بتكثيفها الوزير الجديد للصحة، عبد المالك بوضياف، بعد أن اعترف الوزير الأول، عبد المالك سلال، وأمام أعضاء حكومته، بالوضع الكارثي لقطاع الصحة.