ما هي مبررات تأجيل إطلاق الجيل الثالث للهاتف النقال في الجزائر كل هذه المدة ؟ لكن قبل الخوض في هذا السؤال المحيّر للعلماء، لا بأس بذكر تسع دول إفريقية أدخلت هذه الخدمة منذ 2006: المغرب، مصر، جنوب إفريقيا، تانزانيا، نيجيريا، الصومال، تونس، السينغال وكوت ديفوار.. ونحن لا نتحدث عن اليابان التي كانت أول دولة أدخلت الخدمة عام 2001. لنعد الآن إلى سؤالنا المحيّر وما يدور حوله من تفسيرات: فإذا صدقنا وزير البريد وتكنولوجيات الاتصال السابق، موسى بن حمادي، فإن إطلاق خدمة الجيل الثالث للهاتف النقال مرهون بحل مشكلة شراء شركة “جازي”. وإذا صدقنا حديث الشارع الجزائري، فإن تعثر إطلاق الجيل الثالث للمرة الرابعة، مرهون بحل مشكلة “اقتسام” ريع هذه الخدمة بين “تحالف” المال والسياسة. وإذا صدقنا واقع الجزائر، فإن الإفراج عن خدمة الجيل الثالث مرهون بقرار سياسي كما هو حال تحرير قطاع السمعي البصري، وفتح قنوات تلفزيونية خاصة وإنشاء مدارس وجامعات خاصة. أما إذا صدقنا أنفسنا، فإن إطلاق الجيل الثالث وغيره من المشاريع المؤجلة في الجزائر، مرهون برحيل “الجيل الأول” من ساسة الجزائر. وهنا، سأقطع الطريق على من يعتقد بأن هذا الكلام هو دعوة للتخلص من الرجال الذين حققوا استقلال الجزائر. سأقطع الطريق على دعاة الوطنية المزعومة، وأوضح بأن المقصود ب«الجيل الأول” هم أولئك الذين يحكمون الجزائر في 2013 بعقلية 1962، عقلية اليوم الثاني الذي تلى إعلان استقلال الجزائر. هذا “الجيل الأول” يؤجل المشروع تلو المشروع على الأجيال المتلاحقة للجزائريين، لكنه منح لنفسه الحق في التمتع بخيرات هذه الأجيال بما فيها خدمات الجيل الثالث من الهاتف النقال في دول أوروبا وأمريكا وكندا والخليج، حيث يملكون هناك مساكن وقصورا. هذا “الجيل الأول” هو المسؤول عن بقاء مترو الجزائر تحت الأرض ثلاثين سنة، وهو المسؤول عن دفن مدينة “بوغزول” العمرانية، وهو المسؤول عن بقاء الجزائر تائهة منذ استقلالها في الإجابة عن سؤال: هل نحن أقرب إلى أوروبا أم أقرب إلى العرب؟ وببساطة يفهمها الشعب: تأخر إطلاق الجيل الثالث للهاتف النقال لأنه تأخر رحيل “الجيل الأول”.