مما لا شك فيه أن الجزائر تبقى آخر الدول على المستوى العالمي التي لم تعتمد تكنولوجيا الجيل الثالث والرابع للهاتف النقال، و ذلك لأسباب أحيانا تكون أمنية و تارة تقنية و دائما "وعودية" مصدرها تصريحات الوزراء الذين تداولوا على قطاع البريد و تكنولوجيات الإعلام و الاتصال، و لم يتوقف أحد منهم عن إطلاق الوعود و تحديد تواريخ إطلاق خدمة الجيل الثالث للهاتف النقال و التي لم تجسد بطبيعة الحال. في كثير من المناسبات تعلل الدولة تأخر انطلاق هذه الخدمة و تربطها بأسباب متعلقة بالتسعيرة و عدم جاهزية متعاملي الهاتف النقال و بمحيط السوق و باقي العراقيل التي تتفنن في استحداثها. من المثير للدهشة أن موريتانيا مثلا اعتمدت هذه التقنية في وقت مبكر، كما اعتمدتها دول عربية وإفريقية وإسلامية، منها الصومال ومالي وأفغانستان، ناهيك عن دول الخليج وتونس والمغرب ومصر. ومن المعلوم أن فكرة و مشروع الجيل الثالث للهاتف النقال بدأت تتبلور في الجزائر مع تطور الأجهزة التكنولوجية خاصة الهاتف النقال و كذا تحرير القطاع من الاحتكار، خاصة بعد سنوات من نشاط المتعامل "جيزي" و الذي بلغ أوج تطوره بين عامي 2003 و 2004 و حكم عليه بامتلاء "الجيب" و تبيض الأموال و اتهم بتحويل الأموال إلى الكيان الصهيوني. ورغم أن هذه التقنية لا تكلف الخزينة كثيرا في إطلاقها، إلا أن الحكومة ربما لا ترغب في مواكبة العصرنة و التقدم، و يبدو أنه لا يسمح بإدخال التكنولوجيات التي يمكن أن تتحول إلى أسلحة غير مادية تهدد الأمن و الاستقرار. خاصة و أن الجزائر مقبلة على "حرب" الانتخابات الرئاسية و صراع الأرانب.