أحدثت طفرة الغاز الصخري في الولاياتالمتحدة انقلابا كبيرا في إستراتيجية الشركات البترولية الأمريكية التي باتت تسعى إلى بيع أصولها في دول تنتمي إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على غرار الجزائر، من أجل إعادة استثمارها في حقول الغاز والبترول الصخري، في إطار إستراتيجية الولاياتالمتحدة المتمثلة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الطاقوية، والاتجاه إلى التصدير في غضون 2020. أياما فقط من إعلان شركة “كونوكو فيليبس” بيع أصولها في السوق الجزائرية، توقع خبراء من “وول ستريتيت”، حسبما ظهر في تقارير إعلامية، أن يتبع هذا القرار خطوات مشابهة من قبل شركات أخرى على غرار شركة “أكسيدانتل بتروليوم” التي أبدت رغبتها في طرح أصول بقيمة 22 مليار دولار من مجموع استثماراتها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قصد الحصول على السيولة الكافية لإقامة استثمارات جديدة في الغاز الصخري بالولاياتالمتحدة. في هذا الإطار، اتفقت ثلاثة صناديق سيادية في الخليج، هي مبادلة الإماراتية ووقطر بتروليوم وعمان أويل، للحصول على حصة 8 إلى 10 مليار دولار من أعمال “أكسيدنتال بتروليوم” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. من جانبها، وقعت شركة “أباش كورب” الأمريكية اتفاقا مع شركة “سينوباك” الصينية يقضي بتنازل الأولى عن 33% من أصولها في مصر، مقابل 3.1 مليار دولار. وكانت شركة “كونوكو فيليبس” قد أعلنت قبل أسابيع عن بيع فرعها في الجزائر لشركة “بيرتامينا” للنفط والغاز الإندونيسية مقابل 1.75 مليار دولار. ويتملك فرع الشركة في الجزائر حصصاً في ثلاثة حقول نفطية كبرى، وتنتج هذه الحقول في المتوسط 11 ألف برميل من النفط المكافئ يومياً منذ بداية العام الجاري وحتى أكتوبر الماضي، وتنتج الشركة التي تتخذ من هيوستن مقرا لها نحو 1.57 مليون برميل من النفط المكافئ يوميا منذ بداية العام وحتى سبتمبر الماضي. ويُظهر تقرير حديث من شركة “وود ماكنزي” لاستشارات الطاقة احتمال أن تصدر الولاياتالمتحدة ما بين 10 إلى 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنويا إلى أوروبا بدءا من 2020، رغم أنها سترسل إمدادات أكبر بكثير إلى الأسواق الآسيوية. وقال التقرير إن حصة الأسد من الصادرات الأمريكية الجديدة من المرجح أن تذهب إلى آسيا للاستفادة من ارتفاع الأسعار هناك. ويبلغ سعر الغاز الطبيعي المسال حاليا في آسيا أكثر من 17 دولارا أمريكيا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقارنة مع حوالي 10.50 دولار في أوروبا. ووقَّعت شركات للمرافق مقرها أوروبا، مثل “سنتريكا” و “جي دي إف سويز”، بالفعل اتفاقات لشراء الغاز الطبيعي المسال من الولاياتالمتحدة. وكان التقرير السنوي لمنظمة “أوبيك” قد اعترف في توقعاته المستقبلية بتأثير طفرة البترول والغاز الصخريين، حيث أشار إلى تراجع الطلب العالمي على نفط المنظمة إلى ما يقارب 29.2 مليون برميل يوميا في 2018 بانخفاض 1.1 مليون برميل يوميا عن العام الجاري، مع تزايد المعروض من خارج المنظمة التي تضم 12 عضوا.