تعترف نقابات التربية التي قررت شنّ "أيام الغضب" بشلّ جميع المؤسسات التربوية في كل الأطوار التعليمية بالوطن، بأن الضحية الأكبر في القبضة الحديدية التي تجمعها مع وزارة التربية الوطنية هم ثمانية ملايين تلميذ، غير أنها مُصرة على تصعيد الاحتجاج إلى أبعد مدى في حال عدم استجابة السلطات لمطالبها الشرعية. النقابات قالت إنها ”مكرهة على التوقف عن الدراسة” وتعترف ”التلاميذ.. الحلقة الضعيفة في صراع لا يعنيهم” تحوّل التلاميذ إلى الحلقة الأضعف في المعادلة التي تربط وزارة التربية الوطنية بشركائها الاجتماعيين، حيث أصبحوا في السنوات الأخيرة ورقة ضغط في أيدي النقابات تستعين بها لتحقيق مطالب قواعدها، وذلك من خلال تجميد كل الأنشطة البيداغوجية، وشلّ الدراسة لمدد متفاوتة وصلت في الموسم الماضي إلى ثمانية أسابيع متتالية في منطقة الجنوب، وهو نفس المشهد الذي يتكرر هذه الأيام من خلال توالي الإضرابات التي جنحت إليها نقابات الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، والنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، ”سنابست”، والمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني ”كنابست ”. وفي هذا الموضوع، أوضح السيد مزيان مريان، أمس، بأن نقابته ”مقتنعة بأن الضحية الأكبر في الصراع القائم حاليا هم المتمدرسون، غير أن النقابات لم تجد بُدّا من اللجوء إلى الإضراب بعد أن سُدت أمامها كل الأبواب، في ضوء منع السلطات العمومية للمسيرات والاعتصامات وغيرها من وسائل الاحتجاج والضغط الأخرى”، مضيفا بأن نقابته على غرار كل الشركاء الآخرين مكرهة على اتخاذ قرار التوقف عن العمل بسبب سلبية الوزارة الوصية. وأضاف المتحدث، في تصريح أدلى به ل”الخبر”، بأن ”المُدهش في الأمر أن السلطات العمومية الممثلة في وزارة التربية تستغرق مدة طويلة لكي تستجيب في آخر المطاف لبعض المطالب المطروحة على غرار ما حدث العام المنصرم في إضراب ولايات الجنوب عندما استجابت للمضربين بعد ثمانية أسابيع من الشلل، الأمر الذي يُعد مغامرة من الوصاية بالمصير الدراسي للتلاميذ، خاصة وأن هذه الاضطرابات والتوقفات يصعب فيما بعد تداركها ”. وحسب المسؤول الأول عن نقابة ”السنابست” فإن الأغرب في الصراع هو أن الوزارة تعترف بشرعية المطالب المقدمة، غير أنها توضح في كل مناسبة بأنها تتجاوز صلاحياتها كونها مرتبطة بوزارة المالية والوظيفة العمومية، ”ما يجعلنا نطالب بالتفاوض مباشرة مع هذه الهيئات لإيجاد الطرق التي تُجنّب أبناءنا عواقب الإضرابات والاحتجاجات المتكررة مستقبلا ”. من جانبه، أفاد السيد عمراوي، الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، بأن هيئته ”تُقر بأن الطرف المظلوم في القضية هم التلاميذ لوحدهم، خاصة وأن الاحتجاج يتزامن مع الفصل الثاني الذي يصعب استدراكه فيما بعد، غير أننا بالمقابل وجدنا أنفسنا أمام أمر واقع يدفعنا دفعا نحو التصعيد بسبب عدم وفاء وزارة التربية الوطنية بأي التزام قطعته على نفسها، بالرغم من تدوين هذه الالتزامات في محاضر موقعة من الطرفين، حيث أنه منذ 4 ديسمبر 2012 لم تستجب الوصاية لأي مطلب تعهّدت بحله، بما في ذلك التعهدات البسيطة، على غرار الرخص الاستثنائية لتمكين النُظار ومستشاري التربية وأساتذة التعليم الابتدائي من اجتياز المسابقات الخاصة بالمديرين”. وبرأيه، فإن الإشكالية القائمة التي تُهدد بنسف الموسم الدراسي تكمن في عجز الوزارة عن تحقيق مطالب المستخدمين الشرعية، بفعل ارتباط هذه المطالب والملفات بمصالح وهيئات أخرى وعلى رأسها الوظيف العمومي ووزارة المالية اللذين أصبحا وكأنهما يملكان حق الفيتو، ”ما دفعنا إلى المطالبة بتدخل الوزارة الأولى وإلا سنلجأ إلى تمديد عمر الإضراب أطول وقت ممكن ”.