من المقرر أن تستأنف، غدا الأحد، الدراسة في العديد من المؤسسات التربوية، بعد إعلان نقابتين من النقابات الخمسة المستقلة، تعليق الإضراب العام، الذي دعت إليه خلال الأسبوع الماضي، وأحدث شبه شلل في معظم المؤسسات التعليمية، ويتعلق الأمر بكل من مجلس ثانويات الجزائر والنقابة الوطنية لعمال التربية، فيما تمسكت النقابات الأخرى بمواصلة الإضراب، رغم إرتفاع حدة التذمر لدى أولياء التلاميذ، الذين لم يستوعبوا إصرار هؤلاء على مواصلة الاحتجاج. أمهل المجلس الوطني لمجلس ثانويات الجزائر (الكلا)، وزارة التربية مهلة إلى غاية الشهر القادم، لدفع كامل مستحقات العمال، وعلى دفعة واحدة، والأخذ بعين الإعتبار، كل المطالب المرفوعة بما فيها مراجعة القانون الخاص والتقاعد، قبل العودة إلى الإضراب الذي تم تعليقه بقرار من المجلس، في نهاية الأسبوع الماضي، في حالة ما إذا أصرت الوصاية على تجاهل المطالب، على حد نص بيان (الكلا). ومن جهتها، أعلنت النقابة الوطنية لعمال التربية، عن تعليق الإضراب ودعوة جميع موظفي القطاع للعودة للعمل يوم الأحد واتخاذ كل التدابير لاستدراك الدروس، خاصة في أقسام الإمتحانات، مثمنة، في بيان صدر أمس، استجابة اللجنة الحكومية لمقترحات النقابة، خاصة ما تعلق باستدراك النظام التفويضي ورفع منحة التأهيل ومراجعة نقائص القانون الخاص في أجل أقصاه نهاية الشهر القادم. وعلى غرار جل نقابات عمال التربية، لم تفوت النقابة الوطنية لعمال التربية، الفرصة للتنديد بما وصفته بحملة التشهير برواتب المعلمين والأساتذة التي أطلقتها وزارة التربية لتغليط الرأي العام، وتأليب أولياء التلاميذ ضد المدرسين، على حد تعبير نص البيان، الذي أضاف بأن قرار تعليق الإضراب جاء تفاديا لأي شكل من أشكال تحمل المسؤولية تجاه أولياء التلاميذ والوطن، وتجنبا لكل ما يترتب عن أي انسداد مستقبلا. وجدت نقابات عمال التربية إحراجا كبيرا في تبرير إستمرار الاحتجاج بالنسبة للبعض منها، خاصة أمام أولياء التلاميذ الذين عبروا عن تذمرهم الصريح، تجاه ما يحدث في المؤسسات التربوية والمحاولات المتكررة لوضع التلاميذ كراهن لتلبية المطالب القديمة والتي تتجدد بصفة دورية مع بداية الدخول المدرسي وخلال السنة الدراسية، وفي كل مرة تضاف لها مطالب أخرى مرتبطة أساسا بزيادة الأجور والمنح والتعويضات، في إطار إستدراك النظام التعويضي ورفع الفوارق بين قطاع التربية والقطاعات الأخرى التابعة للوظيف العمومي. وإن كان قرار النقابيين تعليق الإضراب وإمهال الوصاية مهلة من الزمن للإلتزام بتعهداتها، من جهة، وتلبية بقية المطالب من جهة أخرى، قد جاء تحت ضغط أولياء التلاميذ بالدرجة الأولى الذين لم يترددوا في نعت المضربين باللامسؤولين وبتفضيلهم المصلحة الخاصة على مصلحة الملايين من التلاميذ، إلا أن النقابات الأخرى، لم تجد أي حرج في الدعوة مجددا لمواصلة الإضراب، مثلما هو عليه الحال، بالنسبة للمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني (الكنابيست)، أو الإتحاد الوطني لعمال التربية (الأونبيف) والنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني (سنابيست)، حيث برر هؤلاء أن الإستمرار في الاحتجاج هو حق شرعي للدفاع عن الحقوق المادية للعمال والإضراب وسيلة لبلوغ أهداف محددة مسبقا. ورغم اعتراف التنقابات المصرة على الإضراب، بمشروعية المخاوف المعبر عنها من قبل أولياء التلاميذ حول مصير ومستقبل التلاميذ في ظل حالة الفوضى المستمرة، خاصة وأنهم على مشارف الدخول في سلسلة التقييمات والفروض للثلاثي الأول، إلا أنهم يعتقدون أنه لا بديل عن الضغط على الوصاية إلا عن طريق اللجوء إلى الإضراب، لتحقيق المطالب المادية، فيما تبقى التحديات البيداغوجية التي تهم الأستاذ والتلميذ، على حد سواء، خارج دائرة الإهتمام الفعلي للنقابات التي لم تلجأ يوما إلى شن إضراب من أجل تحسين المستوى الدراسي، على سبيل المثال، وليس الحصر.