تكشف ردود الفعل حول تصريح الرئيس بوتفليقة، بين الذين قالوا إنه مقدمة لإعلان ترشحه للرئاسيات، على غرار عمار سعداني، وبين من اعتبروه دليلا على سقوطها في الماء، أن هناك عملية قيصرية تجري داخل منظومة الحكم، لإخراج الانتخابات الرئاسية من وضعها الحالي قبل أسبوعين من غلق باب الترشيحات رسميا. لم تتحرك الخطوط كثيرا في الساحة الوطنية، بعد الرسالة الثانية لرئيس الجمهورية، بحيث تشبث مساندو العهدة الرابعة بنفس قناعتهم بأن بوتفليقة قاب قوسين من إعلان دخوله المنافسة، فيما رأى المعارضون عكس ذلك، وهو ما يعني أن ملف الرئاسيات ما زال في مرحلة التصريحات ولم ينتقل إلى الفصل فيه بالقرارات. فالرئيس بالرغم من مناشدته منذ عدة أشهر الترشح للرابعة من قبل العديد من الأحزاب الموالية للسلطة، لم يعط أي مؤشر على ذلك، لأنه يرى فيمن طالبوه ب”الرابعة” غير قادرين لوحدهم على جر عربات القطار، خصوصا والأفالان منقسم لرأسين. ويعد هذا التريث بشأن ترشح الرئيس من عدمه إلى غاية ربع الساعة الأخير، ليس من باب غياب الرغبة بقدر ما هو على صلة بالجدل الذي ثار حول العلاقة المتوترة بين الرئاسة وقيادة الأركان مع جهاز الاستعلامات والأمن، وهو الخلاف الذي حتى وإن نفاه الرئيس بوتفليقة، غير أنه رمى بثقله في المعادلة القائمة اليوم حول موعد 17 أفريل المقبل. فالرئيس الذي صام عن الكلام والحديث منذ شهر ماي 2012 وحتى بعد وعكته الصحية (22 شهرا )، يطل في أقل من أسبوع واحد فقط، برسالتين تخصان حصريا المؤسسة العسكرية والأمنية ودورهما، ففي ذلك أكثر من مؤشر على أن قطار الرئاسيات الذي لم يتحرك ولم يظهر أهم المرشحون للتسابق فيه، وفي مقدمتهم عبد العزيز بوتفليقة، بحاجة إلى صفارة ”التوافق” لمن ترسخ أنهم أصحاب الحق في صناعة الرؤساء، ولا يريد الرئيس الإقدام منفردا دون دعمهم الصريح. وجاءت رسالة حمروش وقبلها حوار الجنرال بن حديد مع ”الخبر”، لتحرك الخطوط الجامدة وتزيل جزءا من الستار، بأن ملف الرئاسيات بعهدته الرابعة يوجد في موضع قطعة الفلين في عنق الزجاجة الذي يصعب إخراجها من دون أن تنكسر بسبب غياب التوافق عليها داخل سرايا الحكم. وانطلاقا من هذه الوضعية الانسدادية جاءت تعليمات الصمت التي أعطيت لسعداني، كمحاولة من محيط الرئيس لتهدئة، لتعقبها رسالة ثانية للرئيس بمناسبة اليوم الوطني للشهيد، فيها كثير من الغزل لجهاز المخابرات، وذلك في محاولة منه لإصلاح الشرخ في الحلف المقدس الذي أحدثه محيطه، وذلك تفاديا لما يسميه حمروش ”لكل أزمة ضحاياها وفرصها”. فهل مازالت فرصة العهدة الرابعة قائمة؟ بالنسبة لقيادة الأفالان، حسب بيان للحزب صدر أول أمس، فإنها ”ستعمل بدون هوادة من أجل تحقيق الفوز الكاسح للمترشح عبد العزيز بوتفليقة”، في الجهة المقابله قال حمروش في حواره مع ”الخبر” بأنه ”مرشح ما لم يكن للنظام مرشحه”، وتخلى عن موقفه السابق من أنه لن يترشح ضد مرشح حزبه الأفالان، وهو ما يكون وراء ما ذهب إليه رئيس حركة حمس، بحديثه عن ”صفقة” توصل إليها أطراف الصراع، حتى وإن كان يجهل حاليا لفائدة من؟ غير أنه مقتنع بأنه في نهاية المطاف هذه الأطراف ستدخل صفا واحدا يوم 17 أفريل في دعم مرشح السلطة ما بين بالونات الاختبار الأخرى.