ازداد الضغط على الأفالانيين، بعد دخول بوتفليقة شهره الأول من الغياب دون وضوح الرؤية بشأن عودته إلى سدة الحكم، خصوصا مع بداية تسرب الحديث عن الخلافة، الأمر الذي جعل بلعياط بمعية القيادات المتصارعة داخل الحزب العتيد تسارع لجمع أجنحتها خوفا من أن تجري حسابات رئاسيات 2014 بعيدا عن أعين الحزب العتيد. بدأت القشة التي كان يتمسك بها الأفالانيون كمبرر، وهي عودة رئيس الجمهورية للبلاد لعقد دورة اللجنة المركزية، يتراجع صداها مع مرور أيام الرحلة العلاجية الطويلة للرئيس في الخارج، وفي ذلك مؤشر أن الرئيس الشرفي للحزب الذي يواجه متاعب صحية ليس بمقدوره الاهتمام بجمع فرقاء الأفالان حتى وإن أراد ذلك. وتكون هذه المعطيات التي دار الحديث حولها في اللقاءات الأخيرة التي جرت بقصر حيدرة أو تلك التي دارت في لقاء المدية، وراء بروز خطاب جديد على ألسنة الإخوة المتخاصمين في الأفالان. لقد أبلغ منسق المكتب السياسي عبد الرحمان بلعياط، القياديين أن أبواب الحزب مفتوحة لكل الإطارات لعقد لقاءاتها، وهي لهجة إلى وقت قريب كانت تعتبر معارضي القيادة بأنهم متمردون وخارجون عن قوانين الحزب. وبعدما كان بلعياط ومن يسير في فلكه يشترط ضرورة توفر الظروف “المناسبة” لاستدعاء دورة اللجنة التنفيذية، وذلك لكون عامل ربح الوقت كان يرمي لامتصاص غضب الغاضبين، انقلبت الأمور منذ دخول مرض الرئيس شهره الأول، بحيث طفا للسطح خطاب آخر في اجتماع المدية الذي دعا لضرورة “التعجيل بإنهاء الفراغ القائم على مستوى قيادة الحزب”، ما يعني أن الأفالان بدأ يتسلل إليه الشك من أن بقاء الأمور على حالها قد يفوّت عليه فرصة “التفاوض” حول موعد حساس وأساسي، وهو الانتخابات الرئاسية 2014 التي سرّعت بها الوعكة الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وقلصت حظوظه جدا في العهدة الرابعة. هذا الخوف من مرور قطار الرئاسيات دون التوقف في محطة قصر الأفالان بحيدرة وراء الاتفاق الحاصل بين الإخوة الأعداء سواء من جماعة بومهدي أو عبادة أو أنصار بلخادم وغيرهم، وهي اتفاق على “الكف عن التصريحات التي تفرّق ولا تجمع، وعن التجريح صراحة أو تلميحا”، وفي ذلك مؤشر على أن استمرار الحرب ما بين الأجنحة في الأفالان قد يضيّع عليهم جميعا “الجمل بما حمل”، خصوصا بعدما تم تداول أخبار عن استعداد وجوه أفالانية معروفة لدعم وجوه أخرى من خارج الحزب إن أعلنت ترشحها على غرار حمروش أو بن فليس أو حتى أويحيى، وبالتالي، فإن خروج الحزب من حسابات موعد 2014 يعني توجهه مباشرة نحو المتحف. وزيادة على الهاجس الذي ولده مرض بوتفليقة، فإن الأفالان الذي لم يستطع إيجاد خليفة لعبد العزيز بلخادم الذي سحبت منه الثقة منذ 5 أشهر، من الصعب عليه في وضعه الحالي إخراج مرشح عنه للرئاسيات من لجنته المركزية الحالية، ما يعني أنه سيلعب في أحسن الأحوال ورقة التفاوض وبأقل الشروط والمطالب مع “أصحاب القرار”، وهو ما يسابق الفرقاء إلى تحقيقه من خلال لملمة جراح الحزب وطي صفحة خلافاته ولو مؤقتا، حتى لا يضيع نصيبه من تركة الرئاسيات، خصوصا وأن الحزب في كامل قوته لم يحصد سوى مليوني صوت في المحليات والتشريعيات السابقة، وهي حصيلة رقمية لا تمثل شيئا ولا تكفي لوحدها لصنع الرئيس المقبل.