إنّ الحجاب عبادة فرضها الله تعالى على النِّساء المؤمنات أمام الرِّجال الأجانب تحقيقاً لمصالح عظيمة وتجنّباً للوقوع في كبائر مهلكة. فعلى المؤمنات الاستجابة لأمر الله تعالى وأمر نبيِّه صلّى الله عليه وسلّم بالالتزام بالحجاب رمز العِفَّة والطُّهر والحياء، قال الله جلّ شأنه: “ومَا كان لمُؤمن ولا مُؤمنة إذا قَضى الله ورسولُه أمراً أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم ومَن يعصي الله ورسولَه فقد ضَلَّ ضلالاً مُبيناً”. وإنّ مِن وراء فرضِ الحجاب حِكَماً وأسراراً عظيمة وفضائل محمودة وغاياتٍ ومصالح كبيرة، منها: كونه علامة على العِفَّة، ممّا يُبعِد المتحجّبة عن الرِّيبة والشكّ، ويقطع أطماع الفَجَرة ويقي المرأة وقايةً اجتماعية وأخلاقية، وذلك لقول الله تعالى: “يا أيُّها النّبيّ قُل لأزواجِك وبناتِك ونساء المؤمنين يُدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنَى أن يُعرفنَ فلا يُؤذَين وكان الله غفوراً رحيماً”. بمعنى: ذلك أقرب وأدعى لأن يُعرفن بالحِشمة والحياء فلا يُؤذيهنّ أحدٌ من مرضى القلوب من الرِّجال. حفظ لأعراض وطهارة القلوب: وصدق الله حين قال: “ذَلِكُم أطهرُ لقلوبكُم وقلوبِهنّ”. الحجاب حصانة ضدّ الزِّنا والفاحشة: قال تعالى: “ولا تقْرَبوا الزِّنا إنّه كان فاحشة وساء سبيلاً”، فكما حرّم الله الزِّنا فإنّه حرّم الأسباب الموصلة إليه والوسائل المفضية إليه من السفور والتبرّج وتشبّه المرأة بالرجل والكافرات وغير ذلك. فالحجاب يُورِث الشعور بالعِزّة والشّرف والكرامة والعِفّة، وصدق القائل حين قال: تاج المرأة حياؤُها وحياؤُها لا يتأتى إلاّ بتحجُّبها عمّن لا يحلُّ لها وعن غير المحارم، أمّا ما يدّعيه بعضهم من أنّ ارتداء الحجاب الشّرعي تخلّف ورجعية وتزمّت وتنطّع، وأنّ الإيمان في القلب، فهو ادّعاء باطل يدعو إلى إبطال العمل بالقرآن والسُنّة، وفهمٌ خاطئ للإيمان المقصود من الشريعة السّمحة، فهو كما عرّفه أهل العلم: اعتقاد بالقلب وقول باللِّسان وعملٌ بالجوارح والأركان، يزيد بالطّاعة وينقص بالمعصية، فاعتقاد بالقلب دون قول وعمل لا يفيد صاحبَه. هذا وإنّ للحجاب حتّى يكون شرعياً شروط وضوابط مستخرجة من الكتاب والسُنّة، منها أن لا يكون شفّافاً، وأن لا يكون ضيِّقاً، وأن يكون ساتراً لجميع بدنها ما عدا وجهها وكفّيها، وأن لا يكون زينة في نفسه. والله أعلَم.