كان فريق مولودية وهران، الذي تأسس سنة 1946، يلعب الأدوار الأولى ويزاحم الكبار في سنوات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات وحتى التسعينيات، وكان ناديا خارقا للعادة بلعبه الجميل والنجوم التي كان يملكها، زيادة على أنه كان عميد الفرق في الجهة الغربية، لكن هذه المميزات بدأت تتلاشى في الألفية الثالثة. أصبح هذا النادي العريق، صاحب ال12 لقبا في البطولة وكأس الجزائر والرابطة، زيادة على وصوله إلى نهائي كأس إفريقيا سنة 1989 الذي خسره أمام الرجاء البيضاوي، يحطم الأرقام القياسية في المهازل، بداية بتنقله إلى بلعباس بفريقين عام 2003 لمواجهة نصر حسين داي، وهي الحادثة التي قسمت أسرة النادي وبدأت منها شرارة المشاكل. وبعد سنتين توقفت مباراته أمام فريق أولمبي العناصر التي جرت في ملعب بوعقل بسبب غياب الكرات وانهزم بثلاثية نظيفة، دون أن ننسى الصراعات والتكتلات الموجودة بين المسيرين، حيث بقي الفريق أسيرا بين مجموعة معينة من الأشخاص، تتداول على تسييره كل سنة أو سنتين، لكن النتائج بقيت على حالها، حيث في العشر سنوات الأخيرة ظل الأنصار ينتظرون الجولات الأخيرة حتى يضمن فريقهم البقاء في ظل وجود محيط متعفن، بوجود أشخاص يدّعون أنهم عقلاء إلا أنهم كانوا يبحثون عن الشخص الذي يعيدهم إلى الحياة ويمنح لهم المزايا والهدايا، حيث إن بعض الأطراف في مولودية وهران تراعي مصلحتها الشخصية على المصلحة العامة للفريق، وهو ما قادها إلى الهاوية في السنوات الماضية، وجعلها تلعب في كل مرة من أجل تفادي السقوط، عوض اللعب على الألقاب والتتويجات التي غابت عن الفريق منذ أكثر من خمس عشرة سنة. جباري فنان “البريكولاج”، ليمام خانته الأموال ومزيان مراهق في التسيير تداول على فريق مولودية وهران ثلاثة رؤساء في عشر سنوات، ويبقى جباري الوحيد الذي ظل في منصبه لمدة طويلة، فرغم أنه أنقذ الفريق مرتين من السقوط إلا أنه عجز عن ذلك عام 2008. وفي الوقت الذي كان عليه حفظ الدروس وردّ الاعتبار للفريق، ببناء تشكيلة على أسس صحيحة، ظل يعتمد على سياسة عرجاء ويتفنّن في”البريكولاج”، حيث قام بانتدابات فاشلة، وغيّر عدة مدربين، ولم يسدّد مستحقاتهم المالية ومستحقات اللاعبين، عكس الراحل قاسم ليمام- رحمه اللّه- الذي كان رجل ميدان، وكان يملك قوة الإقناع وانتدب أسماء لامعة، لكن مشكلته كانت في غياب الأموال في الفترة التي قاد فيها المولودية، إلا أنه تمكن من إعادتها لحظيرة الكبار. أما مراد مزيان الذي صنع أفراح “الحمراوة” عندما كان لاعبا فقد تمكن كرئيس، وفي ظرف قصير، من تنقية محيط الفريق من أصحاب المصالح الشخصية، لكن تسييره للفريق لم يكن في المستوى، بما أنه كان أصغر رئيس يقود مولودية وهران، واضطر للخروج من الباب الضيق، بعد أن أحس أنه غير مرغوب فيه. العقلاء أفسدوا مشروع محياوي يُجمِع المتتبعون أن الموسم الوحيد الذي عادت فيه مولودية وهران إلى الواجهة هو موسم 2010/2011، الذي تصادف مع تحويل الفرق الهاوية إلى محترفة، حيث شعر الأنصار أن فريقهم بدأ يسترجع هيبته بعودة الآلاف من أنصاره إلى الملعب بعد عودة النتائج الإيجابية، لكن بعض الأطراف، ومنها بعض “العقلاء”، استعملوا كل الوسائل حتى يطيحوا بالرئيس طيب محياوي الذي وجد معارضة شديدة، رغم أنه حقق نتائج مرضية جدا، داخل وخارج الديار، لكنه كان يُشتم ويهان، حتى إن بعض الأطراف قالت “نريد رئيسا من حي الحمري، يبيع النعناع ولا يأتي من خارج وهران”. وبعد ذلك الموسم عاد الفريق لعادته القديمة، وهي اللعب على البقاء. انتدابات فاشلة بأموال خيالية ولأن جمهور المولودية مكتوب عليه أن يبقى ينتظر المزيد من الوقت حتى يعود فريقه المفضل إلى الواجهة، فإن هذا الموسم كان يتمنى أن يؤدي زملاء صديق براجة موسما جيدا، خاصة بعد انتداب 12 لاعبا، من بينهم 6 لاعبين بأجرة شهرية تفوق 100 مليون سنتيم، لكن معظمهم لعب ما بين مباراتين إلى 10 مقابلات. زيادة على أن الرئيس الحالي جباري، واصل سياسة الترقيع، عندما انتدب المغترب عمري شاذلي ب170 مليون في الشهر ولعب لحدّ الآن 150 دقيقة فقط، وهو ما يفسر سياسة الإدارة الحالية التي لم تكن مدروسة، ولم تجلب لاعبين ممتازين رغم الأموال التي توفرها الدولة لهذا الفريق التي قاربت 20 مليارا في الموسم. تربص صيفي في نزل سياحي دليل على “البريكولاج” وما يؤكد أن السياسة العرجاء تبقى علامة مسجلة في فريق كبير اسمه مولودية وهران هو إجراء التربص الصيفي، في عزّ شهر رمضان الكريم، في نزل سياحي في منطقة تعج بالأجانب في تونس، رغم أن النفقات كانت بفضل مديرية الشباب والرياضة لولاية وهران التي اختارت مكانا منعزلا، لكن أحد المسيرين، المعروف بحبه لهذه الأماكن، أصر على إجراء التربص التحضيري في هذه المنطقة السياحية بتونس، وهو ما انعكس بالسلب على أداء اللاعبين في الموسم الجاري وفي المواسم الثلاثة السابقة. النادي لا يملك قاعة للعلاج وعواد وهريات يعالجان في العاصمة وما يثير الاستغراب والدهشة، ورغم الأموال الكبيرة التي صرفت على اللاعبين، فإن الفريق لا يملك قاعة للعلاج، حيث يضطر اللاعبون للتنقل إلى العاصمة لإجراء الفحوصات الطبية، كما حدث مع اللاعب عواد الذي عالج إصابته عند ممرض فريق شباب بلوزداد، والشيء نفسه ينطبق على اللاعب هريات حمزة الذي يعالج عند طبيب اتحاد الجزائر، دون أن ننسى المهاجم جمال بوعيشة والمدافع عوامري اللذين اختارا العاصمة على البقاء في وهران من أجل العلاج. المولودية تسيّر بثلاثة أشخاص والبقية تختار المباريات وتظهر في المناسبات كما يبقى فريق مولودية وهران يسير بثلاثة أشخاص فقط، وهم نائب الرئيس والمناجير العام والكاتب العام، في حين أن بقية المسيرين لا يظهرون سوى في المباريات الكبيرة أو في المناسبات الرسمية، وهو ما يؤكد وصول الفريق إلى هذه الوضعية الحرجة، كما أن المولودية لا تضم مسيرين أكفاء بإمكانهم قيادة النادي إلى بر الأمان، وهو ما تؤكده الانتدابات الفاشلة التي تقوم بها الإدارة في كل موسم وبأموال ضخمة.