إذا جاز لي تقديم قراءات في بيان “الفرصة الأخيرة” للرئيس السابق اليمين زروال، فأحب أن أبدأ بفكرة مطالبته الضمنية بالعودة إلى نظام العهدتين الرئاسيتين، حيث يكون التداول على السلطة أمرا مفروضا ولا مكان للرجل “المعجزة”. لقد كان واضحا من كلام زروال انزعاجه الشديد من إقدام الرئيس عبد العزيز بوتفلية على تعديل الدستور عام 2008، ليسمح لنفسه بالمرور إلى ولاية ثالثة تتبعها الرابعة. وتاريخيا، كان الرئيس بوتفليقة واضحا منذ استلامه الحكم عام 1999، فقد ظل يردد في كل خطاب وفي كل تجمع وفي كل إطلالة على التلفزيون، بأنه “غير راض عن الدستور”، ويقصد دستور زروال (1996). وكان أكثر ما يزعج الرئيس بوتفليقة في هذا الدستور هو نظام العهدتين، ولهذا لجأ عام 2008 لتعديله. وينقل مقربون من بوتفليقة قوله إنه “جاء ليعالج مشاكل كثيرة ويحتاج إلى وقت كثير”. اليوم في 2014، هل عالج فعلا بوتفليقة مشاكل الجزائر الكثيرة؟ الجواب: كأي بشر، ظهرت عوارض المرض على الرئيس وشغلته بمعالجة نفسه عن علاج مشاكل الجزائريين، مع العلم أن عوارض مرضه ظهرت عام 2005، وكادت تقضي عليه عام 2013. لهذا، نعود إلى حكمة رجل الحرب والسلم، اليمين زروال، الذي أشرف على دستور يحدد أن رئيس البلاد، أيا كان، يمكن أن ينجز شيئا للبلاد خلال 10 سنوات. وهذه النظرية ليست اكتشافا للبارود، فهي معمول بها في الديمقراطيات الغربية، وفي دول أخرى لا هي ديمقراطية ولا ديكتاتورية. ففي روسيا مثلا لعب الرئيس القوي فلاديمير بوتين لعبة “الغميضة” مع رئيس وزرائه ديمتري ميدفيدف، حيث جاء بوتين إلى السلطة في ديسمبر 1999 بعد انسحاب بوريس يلتسين، وبقي رئيسا لعهدتين رئاسيتين، ثم غادر الحكم عام 2008، ليخلفه ديمتري ميدفيدف قبل أن يعود عبر الصندوق عام 2012. في تركيا، لعب طيب رجب أردوغان “الغميضة” أيضا مع عبد الله غول، منذ 2002، وتبادلا منصبي رئيس البلاد ورئيس الحكومة، لكن تم كل ذلك عبر الصندوق. هذان مثالان فقط على ممارسة الديمقراطية ب«الغميضة” والتي كان يمكن تطبيقها في الجزائر، لوجود شبه كبير مع دولة روسيا الحليف الاستراتيجي للجزائر، وتركيا، حامي الحمى السابق لجزائر ما قبل الاستعمار الفرنسي. الآن: هل تصلح المقارنة بين ما حققته روسيا بوتين وتركيا أردوغان وجزائر بوتفليقة، خلال الفترة نفسها على أساس الرجل الملهم والرئيس المعجزة؟ الجواب: روسيا تقارع أمريكا، وتركيا قوة اقتصادية تقارع أوروبا، والجزائر.. تصارع العهدة الرابعة.