اختار موقع “تريب أدفايزر” 25 مدينة ووجهة سياحية من أصل “2389” في العالم كأروع المدن السياحية على مستوى العالم. وجاءت مدينتا مراكش المغربية ودبي الإماراتية ضمن أفضل 25 وجهة في العالم، في حفل “جوائز خيارات المسافرين” لعام 2014. واختيرت أبرز وجهات السفر في العالم وفقاً لرأي وتقييم الملايين من المسافرين الذين يستعينون بالموقع. تم اختيار هذه المدن بناءً على مجموعة من المعايير تراعي عدد ونوع الآراء والتقييمات المتعلقة بالفنادق والمعالم السياحية والمطاعم في مختلف الوجهات حول العالم، والتي جمعت على مدى عام. بلد سياحي بلا سياح يعكس غياب الجزائر أو إحدى مدنها عن التصنيفات السياحية واقعا يفضحه ضعف الخدمات الفندقية وسوء الاستقبال، يراه مسؤولو وزارة السياحة ولا يقدرون على تغييره رغم الأغلفة المالية السميكة التي أنفقت عليه. ومن دلائل الحقيقة المرة أن لا وجود لترويج سياحي ولا خدمة تليق بالسائح الوطني، فما بالك بالأجنبي الذي تبدأ رحلة عذابه من ملف طلب التأشيرة، ليبقى واقع السياحة في الجزائر بعيدا كل البعد عن الطلب، ما يتسبب في عجز ينفّر الجميع إلى تونس وتركيا والمغرب واليونان، والأكيد أنكم لا ولن تعثروا على اسم الجزائر في القائمة الطويلة هذه. ولا يعرف الأجانب إلا النزر القليل عن بلادنا. فبعد أن كان اسمها مرادفا لأخبار الموت لأكثر من عشرية، تولى راكبو قوارب الموت الحالمون ببلوغ الضفة الأخرى نقل صورة سوداوية عن بلد يصدّر أبناءه وليمة دسمة لأسماك المتوسط، فلم يعد لصورة شواطئنا الساحرة مكان في مخيلة هؤلاء. وما يزيد تعقيد المعقد أن من يفترض أن دورهم يقوم على تجميل هذه الصورة القاتمة والترويج للسياحة في البلاد، استقالوا من مهمتهم ولم يتعلموا ولو القليل من تجارب الجارتين تونس والمغرب على الأقل، حيث يتنافس القائمون على السياحة فيها كل موسم لإطلاق حملات ترويجية خارج الحدود، لاستقطاب السياح وتنظيم رحلات للإعلاميين للتعريف بمقومات بلادهم السياحية، مع تخفيض أسعار الرحلات الجوية، فيما تبقى هذه الإستراتيجية بعيدة كل البعد عن تفكير القائمين على القطاع في بلادنا. “الفيزا” الأصعب في العالم البداية مع “الفيزا” وإن تجاوزنا هذا وأراد “القدر” أن تقع عين أحدهم على الجزائر في الخريطة، أو سمع عنها من صديق قادته ظروف العمل للإقامة في الجزائر، أو حدّثه عنها مهاجر جزائري وقرر شد الرحال إليها، فذلك حديث آخر، فالمعاناة تبدأ من ملف طلب التأشيرة. نعم، فلتطب نفس الحالمين بتأشيرة “تشنغن”، الجزائريون ليسوا وحدهم من يعانون الأمرّين لتحصيل “الفيزا”، فالأجنبي المحظوظ بافتكاك تأشيرة الدخول إلى الجزائر تكون أيضا “حفت أرجله جيئة وذهابا” إلى قنصلياتنا الموزعة عبر العالم، بسبب طول الإجراءات وتعقيدها، وقد تصل إلى ثلاثة أشهر ثم يرفض الملف، وكأنها رسالة منا للمسكين حتى يعيد حساباته ألف مرة قبل أن يقدم على خطوة السفر إلى الجزائر. ثكنة أم مطار؟ وإن اجتاز السائح المفترض هذه المرحلة بسلام، ثم فكر في اقتطاع تأشيرة على الخطوط الجوية الجزائرية، سيتفاجأ بأن أسعارها هي الأغلى، حتى مقارنة مع الجارتين تونس والمغرب، مقابل خدمات ليست أرقى من باقي شركات الطيران، لكن مستوى الخدمة حديث آخر ذو شجون لا يسع المكان للخوض فيه. وما إن تحط الطائرة في المطار، يخيل للوافد الجديد على البلد بأنه أخطأ العنوان ونزل في ثكنة عسكرية، بسبب الإنزال الكبير لأصحاب البذلة الزرقاء لتأمين فضائه، غير أن هذا التواجد الكبير لا يعزز الشعور بالأمان لدى الأجنبي، بقدر ما يرسخ لديه هاجس اللاأمن، وكأن ضمان الأمن يجب أن يرى بالعين المجردة. وبعد أن يخضع للتفتيش البشري والآلي، على الزائر الأجنبي أن يفكر في طريقة مغادرة المطار، فهو محظوظ إن كان قد اتفق مسبقا مع شخص ليقلّه، وإلا فإنه سيجد نفسه فريسة لجشع سائقي سيارة “الكلونديستان” الذين يزاحمون سائقي سيارات الأجرة، فيستقبلونه وهم يلوّحون بمفاتيحهم. وإن اختار الركوب في سيارة الأجرة القانونية، سيصطدم أيضا بأن “الكونتور” لا يعمل، وبأن تسعيرة الركوب تحتسب “كورسة”، وليس أمامه خيار آخر إلا الركوب أمام غياب البديل، فلا ميترو ولا ترامواي ولا قطار في المكان، بخلاف باقي مطارات المعمورة. زيد يا بوزيد ولا يختلف الأمر كثيرا إن اختار الزائر وجهة أخرى، وهو ما يعزز الخوف الأمني الذي وقف عليه في المطار. وعند بلوغ الفندق، وأغلبها بعيدة عن وسط المدينة، يصطدم ضيفنا بمستوى الخدمات المقدمة في فنادق يقال إنها مصنفة 4 أو 5 نجوم، فلا تدفق عال للأنترنت، ناهيك عن غياب أبسط الخدمات التي يفترض أن تقدمها هذه الفنادق كصرف العملة. لكن إن نزل الضيف في فندق وسط العاصمة، فلا مشكلة، فساحة بورسعيد تفي بالغرض إن كان يملك الجرأة للذهاب إليها. ولا يجد السائح الكثير من الأماكن التي تغريه لزيارتها في العاصمة مثلا، لأنها في الأساس تنام باكرا ولا تقدم برامج ترفيهية خاصة تحفزه على السهر، ناهيك عن غياب الثقافة السياحية لدى الجزائريين، فنحن بالتأكيد لا نجيد الترحيب بضيوفنا مع مرتبة الشرف، فوحدها الطبيعة العذراء تفتح ذراعيها للسياح. والعاصمة ليست هي الوحيدة التي تعاني من هذه المظاهر السلبية، إذ لا يختلف الأمر كثيرا في باقي المدن، فرغم سحر طبيعتها، إلا أن ألف عائق وعائق يحول دون أن تكون مقصدا للسياح، والجزائريين قبل الأجانب. وبعد كل هذا الكلام، هل بقي حديث عن السياحة في الجزائر؟