"الريع جعل الجزائريين غير راغبين في التغيير" وصف سيد أحمد غزالي، رئيس الحكومة السابق، الانتخابات الرئاسية بأنها “لا حدث”، لأنها على غرار الانتخابات السابقة “كانت مصطنعة”، ولكن “الكارثة هذه المرة تجاوزت كل الحدود”، لأن الجزائر، حسبه، ستجد نفسها في مواجهة المشاكل الحقيقية التي تمت “التعمية عنها من قبل”. أوضح غزالي، في حوار مع الأسبوعية الفرنسية “لوجورنال دو ديمانش”، أن البحث عمن سيحكم الجزائر في ظل الوضع الصحي الحالي للرئيس بوتفليقة يعتبر “سؤالا خاطئا وليس في محله”، مشيرا إلى أن “كل الشخصيات التي تظهر في الساحة لا تمثل سوى أدوار في مسرحية يكتبها نفس السيناريست”. وأضاف: “بوتفليقة يقول إنه الحاكم الفعلي والرئيس الحقيقي للبلاد، ولكن البلاد يسيرها منذ مدة طويلة “أوليغارشيا” مخفية والذين يمثلونها في العلن ليسوا سوى منفذين”. وعن مدى تحمله للمسؤولية باعتباره كان جزءا من النظام في وقت ما، قال غزالي: “لم تكن لدي السلطة الفعلية حتى أنني ذهبت أمام البرلمان في تلك الفترة للقول بأن حكومتي كانت معاقة، لأنها لا تمتلك الشرعية الشعبية. لم أكن مغفلا، ولكن على خلاف بقية الذين خلفوني، لم أكن رجل نظام ولكن خادما للدولة”. ويرى غزالي أن الوضعية الحالية “خطيرة جدا”، فالجزائر، في رأيه “تعيش في ظاهرها الترف ولكن مجتمعها معرض للمخاطر. هذا البلد يعيش من ثروة لم يخلقها، فحوالي 98 بالمائة من ميزانيته ووارداته ممولة من المحروقات”. وباستمرار البلد في التخلي عن “الإنتاج المادي أو من حيث القيمة المضافة”، لن يمكن للريع أن “يستمر في شراء السلم الاجتماعي”. وقال في نفس السياق: “هذه الأموال ستذوب مثل الثلج، لأن إنفاقها يتم بشكل سيئ، ولأن الرشوة تضاعفت على الأقل عشر مرات في العشرين سنة الأخيرة. تصوروا ماذا سيحدث لو أن سعر البترول ينخفض لثانية! أما فيما يخص تسيير الموارد المالية الحالية فهي سيئة للغاية، فضلا عن أن الإنتاج في تراجع”. وحول ما ينتظر الجزائر مستقبلا، أوضح غزالي أن “الخطر المتوقع سيكون على المدى القريب أي خلال 5 سنوات وليس 20 سنة”، لافتا إلى أن “التسيير السيئ والفساد الناتج عن نشاط الاستيراد والتصدير، أدى إلى أن الكيلومتر من الطريق السيار يكلفنا اليوم 4 مرات ما هو موجود بأوروبا”. وتسببت السياسة الريعية، من منظور رئيس الحكومة السابق، في جعل الشعب غير قادر على تحمل التغيير. معللا هذا الطرح بالقول: “عندما لن تكون لنا الأموال للاستيراد بسبب نقص السيولة، سيثور الناس. تماما مثلما حدث في أكتوبر 1988”. وأضاف في هذه النقطة: “يجب انتظار حدوث شيء مفزع، إنه أمر مثير للانشغال، ما دام أن أحدا من الأحزاب السياسية ليس قادرا على أن يضبط الشارع أو يوجه حركته”. وعن سبب عدم هجرته من الجزائر، ذكر سيد أحمد غزالي: “أنا لست مثل زملائي الفرنسيين (يقصد ليونيل جوسبان رئيس الحكومة الاشتراكي السابق) الذين لديهم بلد يسير إلى الأمام”. وتابع: “أنا لست أبحث عن منصب سياسي، ولكن علي الاستمرار في قول الحقيقة للجزائريين”.