إذا أراد الرئيس بوتفليقة أن “يتوب” عن ذنب فتح العهدات الرئاسية عام 2008، فهناك مجال للتوبة سياسيا في 2014، بالعودة إلى دستور العهدتين الرئاسيتين. وليس خافيا على أحد أن الرئيس بوتفليقة منذ فوزه بولاية رابعة في أفريل الماضي، راح “يدغدغ” عواطف فئات مختلفة من الجزائريين، فقد زاد في معاش المتقاعدين وأسقط المادة المحبطة لآمال العمال، “87 مكرر” من قانون العمل، كما أسقط عن الشباب جبل الوثائق البيروقراطية في مشاريع “أونساج”، ومضى بعيدا في “دغدغة” طالبي السكن، خصوصا صيغة “عدل”. لكن كل هذا لا يعالج صداع السياسة، المتمثل في ضبابية نظام الحكم في الجزائر، هل هو رئاسي كأمريكا، أم شبه رئاسي كفرنسا، أم “جملوكي” كما شاهدناه في الجزائر، لدرجة أن الإعلام الغربي يتندر بلقب “بوتفليقة الرابع”. المطلوب من الرئيس بوتفليقة، الذي حظي بكل شيء لم يحظ به الرؤساء السابقون، أن يرد الجميل، جميل النسوة اللاتي خرجن للتصويت عليه، وهن يصدقن كلامه عن الأمن والأمان. والمطلوب أن يرد الرئيس بوتفليقة جميل الشيوخ الذين صدقوا بوتفليقة وبصموا ب«العشرة” عندما غمز ضد خصمه بن فليس، بأنه يريد ثورة أو ربيعا عربيا في الجزائر. كما أنه مطلوب من الرئيس بوتفليقة أن يثبت لمعارضيه أنه غير مشغول بنزوات البقاء في الكرسي. لهذا يتعين على الرئيس بوتفليقة عدم استغفال الجزائريين مجددا، فلا يمرر تعديل الدستور على البرلمان، وإنما عن طريق استفتاء شعبي. لقد شهدت شخصيا كصحفي، على تصويت البرلمان بغرفتيه في 12 نوفمبر 2008 على تعديل الدستور الذي أسقط نظام العهدتين الرئاسيتين، ورأى من حضر في قاعة نادي قصر الأمم، كيف “استلّ” رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح بيان الشكر الجاهز والموقع باسم بوتفليقة، ليقرأه مباشرة بعد رفع 1000 يد (500 نائب) لصالح التعديلات الجاهزة. اليوم في 2014، نريد أن نشهد على عودة الحقوق إلى أصحابها، حقوق الدم الجزائري الذي سال في الأزمة الأمنية، وجرى التوافق على دستور 1996، لحقن ذلك الدم. ومن هذه التوافقات، مبدأ التداول على منصب الرئيس كل ثماني سنوات.