يعرف عن آيت منڤلات أنه يأخذ الوقت الكافي لإصدار ألبوماته، وغالبا ما يقتضي الوقت بين أربع وست سنوات، وهو ما يعطي أغانيه بعدا شعريا وفلسفيا. ويمتاز صاحب ألبوم ”يناد ومغار” (قال الشيخ العجوز)، تركيزه على كلمات الأغاني، والاحتفاظ بإيقاع موسيقي رصين، يرفض مسايرة الخفة المنتشرة حاليا في الأغنية القبائلية، ما يعطي أعماله بعدا فنيا عميقا يخاطب من خلالها فئات معينة من المجتمع. ويفضل آيت منڤلات الحديث، في حواراته الصحفية، عن ”فعل الكتابة” أكثر من ”فعل الموسيقى”. وجاءت أغنية ”الورقة البيضاء” على لسان رجل يريد أن يصير شاعراً، فيردد قائلا: ”استيقظت فجراً، وقررت أن أصير شاعراً (...) سهرت ليال طوال، ورفض الشعر أن يجاورني (...) وظلّت الورقة بيضاء. وقال آيت منڤلات في أحد حواراته الصحفية”، عقب صدور ألبوم ”الورقة البيضاء”: ”لما أشعر أنني عاجز عن الكتابة، لسبب أو لآخر، أعطي لنفسي بعض الراحة، وأؤجل الكتابة لأوضاع أخرى ملائمة تتوفر من خلالها الظروف النفسية”. ورغم اكتساب أغانيه هذه اللمسة الفلسفية، إلا أنه يصر على القول: ”أعتقد أن دور الفنان يقوم على طرح قضايا واقعية تمسّ حياة الأفراد اليومية”. ويمزج ”دا لونيس” أو ”الحكيم” كما يسميه عشاقه، بين الكتابة وفعل القلق، وهو ما يعطي أعماله تلك المسحة الشاعرية التي تعانق اللحظات الأكثر وجعا في حياة الفنان، لذا نجده يعود لمأساة الإنسان في أغنية ”أمنوغ” التي صدرت ضمن ألبومه ما قبل الأخير ”الورقة البيضاء”، ويقف عند مسألة الصراع مع قوى الطبيعة، ويدافع عن فكرة ”أولوية العلم على مواجهة المجهول”، لكنه يصر في المقابل على احترام ”التصورات الدينية للإنسان”. ويعد ألبوم ”الورقة البيضاء” بمثابة سؤال الإنسان الدائم كي يعطي معنى لحياته، ويعتبر هذا الاهتمام الفلسفي بمثابة محور أعمال آيت منڤلات خلال السنوات الأخيرة، ما يثير تساؤلات حول طبيعة الألبوم الجديد المنتظر بشغف كبير.