أزمة جديدة تلوح في الأفق بين أنقرةوالقاهرة على خلفية تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان التي اتهم فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمساعدة إسرائيل في حربها على قطاع غزة، ووصف أردوغان الرئيس المصري بأنه ”طاغية لا يختلف عن غيره من الطغاة”، واتهم القاهرة وحكومتها التي نعتها بغير الشرعية بالسعي إلى استبعاد حماس من اتفاق تهدئة محتمل. وأدانت قوى وأحزاب سياسية مصرية تطاول أردوغان على السيسي وهجومه على المبادرة المصرية، مؤكدين أن هذا التصرف يفتقد للأخلاق السياسية، واعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري هذه التصريحات بأنها تخرج عن المألوف في كل الأعراف الدولية. ووصف السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية السابق تصريحات وزير خارجية تركيا بغير المقبولة بالمرة، لافتا إلى أن التطاول وإطلاق الشتائم بهذا الشكل أمر مرفوض، وأنه كان لابد على أردوغان أن يحتفظ بهدوء الأعصاب، وأن تهتم أنقرة بالبحث عن الحلول المشتركة التي تبنى على أساسها مبادرات وقف إطلاق النار وإنهاء العدوان الصهيوني على القطاع، مشيرا إلى أن ما تتعرض له غزة يتجاوز الحدود ويهدد أمن المنطقة برمتها، بما فيها تركيا التي تعاني من مشاكل جمة. ويرى السفير مرزوق أن فتور العلاقة بين أنقرةوالقاهرة سينتهي مع الوقت، موضحا ”العلاقات بين البلدين تمر بأزمة حقيقية، لكني واثق أنه سيتم تجاوزها، وهناك امتداد تاريخي في العلاقات بين تركيا والدول العربية، ولا يزال الود بين الشعوب، ووجود قيادة سياسية معينة في الحكم لا يعني أن هذا الاحتقان والعداء سيستمر إلى الأبد، وستعود إلى سابق عهدها إما بعد انتهاء عهدة أردوغان أو تخليه عن الأسلوب الهجومي ضد مصر”، وأضاف ”أتوقع أن مصر لن ترد على هذه التصريحات، ولا يمكن أن تنزل أبدا إلى مستوى التلاسن اللفظي مع أي دولة كانت، ولا ينبغي أن نستدرج إلى هذا التعامل الدولي في بناء العلاقات، أو الرد على شخص فقد صوابه ويشتم دولة عريقة، وهذا الموقف الأنسب لمصر”. وفي سؤال حول توقعه بخصوص الموقف المصري من المبادرة القطرية التركية التي تحدثت عنها تقارير إعلامية، خاصة بعد اتهام القاهرة كلا الدولتين بالضغط على حماس لرفض المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، يجيب مساعد وزير الخارجية المصري السابق في تصريح ل ”الخبر”: ”أتصور أن ما يهم مصر هو وقف نزيف الدم الفلسطيني أيا كانت الوسيلة، سواء أكانت مبادرة قطرية أو تركية، وليس لدينا أي مشكلة إن تم الموافقة على مبادرات أخرى، والمسألة ليس وقف إطلاق النار فقط وإنما هناك حسابات أخرى، إذ لابد أن يتبع وقف إطلاق النار بحساب ومحاسبة الكيان الصهيوني على جرائم الحرب المتعاقبة في الحقبتين الأخيرتين، وأن يتم حصاره وتقديم رئيس وزرائه نتنياهو للعدالة، وأن تواصل الدول العربية الضغط كما تم في جنوب إفريقيا، خاصة أن هناك استجابة دولية وشعبية لهذا النوع من الدعاية”. أما يسري العزباوي الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فقال ”إن تصريحات أردوغان لا تمت للسياسة أو الدبلوماسية بصلة، وإنما تدل بما لا يدع مجالا للشك على علاقته القوية بالتنظيم الدولي للإخوان وبحماس، ولهذا تأتي تصريحاته دائما بما يتفق مع مصالحهما”، مشيرا إلى أن تصريحات أردوغان تهدف للتقليل من حجم مصر في المنطقة فقط، خاصة أنه لم يتحدث عن المبادرة المصرية لتهدئة الأوضاع في غزة، ولكنه أراد إظهار تركيا بدور المدافع عن الفلسطينيين وحقوقهم في مقابل مصر التي لا تهتم بالشأن الفلسطيني، مضيفا ل ”الخبر”: ”رد وزارة الخارجية المصرية جاء دبلوماسيا للغاية، ولكن لابد أن يتعدى ذلك وأن تتخذ مصر موقفا حازما تجاه تجاوزات تركيا، كتقديم شكوى للأمم المتحدة ضد ما يفعله أردوغان، وكذلك قطع العلاقات الدبلوماسية مع تركيا، وما يتبعه من طرد السفير التركي”.