ولِذِكر الله تعالى بركة في الرِّزق والعُمر يوم تشتدّ على صاحبها الشّدائد ‘'مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا”، ومَن أكثَر مِن ذِكر الله تعالى حال الرَّخاء ذكَرهُ الله به حال الشِّدّة {يُثَبِّتُ اللهُ الّذين آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنيا وفِي الآخرة}. والآيات والأحاديث في فضائل الذِّكر لا تكاد تُحصى، ولَكِن هناك استفهاما وتوضيحا لابدّ من تبيينه، ذلك أنّ الذِّكر باللِّسان لا يكفي وحده ولو خفَقَ القلب به، إذ لابدّ للجوارح الأخرى من تفاعل فعلاً وتركًا أو أمرًا ونهيًا، أو قُل لابدّ للباطن من ظاهر يترجمه ويقف شاهدًا على حقيقته، فذِكرُ الله بمفهومه الواسع ليس فقط تحريك اللِّسان بكلمات الحمد والثناء، بل لابدّ، وهذا هو المهم، من استشعار لعظمة الله تجعل الذَّاكِر وقّافًا عند حدوده محرّمًا الحرام ومحلاً للحلال ذاكرًا حكم الله في أفعاله وأقواله، وتلك هي درجة الإحسان كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ‘'الإحسان أن تعبُد اللهَ كأنّك تراهُ فإن لم تكُن تراه فإنّه يراك”. فالله سبحانه أمر بالصّلاة وأداء الأمانة وإتقان العمل والصِّدق في الحديث والعدل في الحكم و.. فإن فعلتَ فقد ذكرتَ رَبَّك، وإن خالفتَ فأكلتَ الأمانة وظلمتَ الرّعية وأسأتَ الجوار لا تنفعك ألف تسبيحة في اليوم واللّيلة. إنّ ذكر الله تعالى سواء أكان حركة اللّسان أو خفقان القلب أو تدبُّر العقل لابدّ له من عمل تترجمه الجوارح وتصدّقه الأعمال، مستعيناً في ذلك بالله ربِّ العالمين، فقد كان مِن دعاء الرّسول دُبُر كلّ صلاة ‘'اللّهمّ أعِنِّي على ذِكْرِك وشُكْرِك وحُسْن عبادَتِك”.