عجزت تدابير الحكومة عن تقليص فاتورة الاستيراد وكبح نفوذ المستوردين من خلال فرض التعامل بالقرض المستندي في عمليات استيراد المنتجات النهائية المسطرة ضمن إجراءات قانون المالية التكميلي لسنة 2009، بالإضافة إلى التدابير الإجرائية سارية المفعول مند سنتين، المتعلقة بالتوطين وكذا التي تلزم جميع المتعاملين في قطاع استيراد السلع والمواد الأولية الموجهة للبيع على حالتها باحترام شروط تحدد كيفيات ممارسة نشاط ما، لاسيما الشروط المتعلقة بإجبار كل مستورد على توفير البنية التحتية اللازمة والمناسبة لتخزين وتوزيع السلع موضوع النشاط، وتوفير وسائل النقل والتسليم والالتزام بمراقبة مطابقة نوعية المنتجات والسلع أو المواد الأولية موضوع الاستيراد. ولم تنخفض فاتورة الاستيراد الجزائرية، في ظل هذه الظروف خلال السنوات الخمس الماضية، عن 45 مليار دولار سنويا، حيث ظل خلالها حجم الاستيراد لتغطية الطلب المحلي من مختلف المواد محافظا على مستوياته العالية، قاربت في عدة سنوات سقف 50 مليار دولار، على الرغم من الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة لتقليص نفقات الخزينة على ما تنتجه المصانع الأجنبية. وتجاوزت فاتورة الواردات في سنة 2012 حدود 47 مليار دولار، وهو نفس المستوى المسجل خلال السنة التي سبقتها، من دون احتساب النفقات المتعلقة بالخدمات المقدرة بحوالي 12 مليار دولار، لتصل الواردات إجمالا، بناء على ذلك، إلى قرابة 60 مليار دولار، بينما بلغت 46,8 مليار دولار في 2012، مقابل 47,2 مليار دولار في 2011، وارتفعت من 9,2 مليار سنة 2000 إلى 10 مليار دولار في 2010، لتبلغ 18,3 مليار دولار في 2004 و27,6 مليار دولار في 2007، لتقفز إلى 39,5 مليار دولار خلال سنة 2008. وتؤكد الأرقام الرسمية على أن 52 في المائة من واردات الجزائر مصدرها الاتحاد الأوروبي، الذي يستفيد من الإعفاءات الجمركية المنصوص عليها في إطار اتفاق الشراكة مع الجزائر منذ سبتمبر 2005، وتسيطر على العلاقات التجارية فرنسا ب22 في المائة وإسبانيا ب20 في المائة، وبلغت واردات الجزائر من آسيا 21,2 في المائة، وتهيمن الصين على 59 في المائة من حصة آسيا مقابل 11 في المائة للهند و10 في المائة لكوريا الجنوبية و9 في المائة لليابان، في حين لا تتجاوز المبادلات مع الدول العربية 5 في المائة. وبالموازاة مع ذلك، لا يتجاوز حجم الصادرات الوطنية خارج قطاع المحروقات 3 في المائة، وتشير الأرقام الرسمية أن ما يزيد عن 35 في المائة منها من مشتقات البترول، الأمر الذي يؤكد على هيمنة الريع على الاقتصاد الوطني وتبعية الدخل الإجمالي والميزانية العامة لأسعار النفط العالمية، بشكل يجعلها هشة أمام أي هزة تدفع الأسعار إلى الانخفاض إلى مستويات متدنية، من منطلق أن الإنتاج الصناعي والفلاحي الوطني غير قادر على المنافسة في السوق المحلية في مواجهة المنتجات المستوردة، فضلا عن تصديرها نحو الأسواق العالمية، كون هذه الأخيرة تفرض معايير في مختلف المجالات لا يستجيب المنتج الوطني لها.