أثار قرار مجلس النواب الليبي طلب التدخل الدولي لحماية المدنين في ليبيا جدلا داخليا حادا، حيث دعت عدة أطراف الشعب الليبي إلى الخروج في مسيرات رفضا للتدخل الأجنبي. كما عارض نواب وكتائب مسلحة هذا الطلب، وانتقده مفتي الديار الليبية الشيخ صادق الغرياني، الذي أقاله مجلس النواب من “منصبه”، نهاية الأسبوع الماضي. واتهم الشيخ صادق الغرياني من أسماها ب«الثورة المضادة” ب«جرجرت البرلمان الوليد الذي لم يكمل إجراءاته الدستورية بالإثم استعداء الأمم ضد ليبيا”. وقال المفتي الغرياني في مقاله “تدخل الجيوش الأجنبية الذي اتفق أهل ليبيا في أحلكِ ظروفِهم أيامَ حربِ التحريرِ الأولَى على استنكاره، وعَدِّه خيانةً للوطن، ولم يجرؤْ عليه حتّى القذافِي، على سوءِ حالِه وفسادِ أمرِه، هاهيَ الحكومةُ مستميتة في طلبِه، والإلحاح عليه! انضمّ للأسف في هذا السعي الآثم لاستعداء الأمم علينا، البرلمانُ الوليدُ الذي جرجرتْه الثورةُ المضادةُ إلى حتفِه، وفقدِ مصداقيتِه”. وأضاف “الأمرُ الذي استنكرتْه الاحتجاجاتُ الشعبيةُ الغاضبةُ، التي عبّرت عنِ استيائِها، الجمعةَ الماضية، مِن انعقادِه بهذه الصورة، وعدَّته خِذلانًا للقاعدةِ الشعبيةِ التي انتخبته؛ ما دعَا العديدَ مِن المدنِ إلى إصدارِ بياناتٍ بالتبرُّؤِ مِن مُمثليها، الّذينَ انضمُّوا إلى جلساتِه. فهلْ أدركَ الأعضاءُ، الذينَ لا نشك أنّ فيهم الكثير من العقلاءِ الحريصينَ على الوطن، ما استدرجَتْهم إليهِ القياداتُ المتزعّمة انعقاد البرلمانِ قبل استكمالِ إجراءاتِه الدستورية؛ لِتخدمَ أجنداتٍ متحالفةً مع حفتر، والانقلابيين والثورة المضادة؟!”. جدير بالذكر، أن مجلس النواب المجتمع في مدينة طبرق الخاضعة لحماية قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، قرر نهاية الأسبوع المنصرم، عزل الشيخ الصادق الغريانى من منصب مفتى عام الديار الليبية. كما قرر حل كافة التشكيلات المسلحة على الفور، فيما قرر المجلس عودة كافة المهاجرين من أبناء الشعب الليبي فى الخارج والداخل، والذين بلغ عددهم ما يقرب من مليوني ليبي إلي ديارهم، وكثير منهم من أنصار القذافي، وهو ما كان يعترض عليها “الثوار”. من جانب آخر، قال النائب مصطفى أبو شاقور “قرار مجلس النواب لطلب التدخل الدولي لحماية المدنين في ليبيا، لم يكن مدرجا على جدول الأعمال 24 ساعة قبل عرضه على المجلس، كما تحدد اللائحة الداخلية المعمول بها الآن”، مشيرا إلى أن هناك “أكثر من 50 عضوا لم يحضروا هذا الاجتماع. ولهذا، كان عدد الحضور 104 فقط من أعضاء مجلس النواب”. وعلى صعيد آخر، قامت قوات حفظ أمن واستقرار ليبيا بقصف صاروخي للمطار الذي تسيطر عليه كتائب الزنتان، وصفته وسائل إعلام أجنبية بأنه الأعنف من نوعه، فيما اتهم رئيس المؤتمر الوطني العام السابق (البرلمان) نوري أبوسهمين كتيبتي الصواعق والقعقاع في مدينة الزنتان باختطاف أعضاء من المؤتمر الوطني، وحلق رؤوسهم ولحاهم، وإجبارهم على النطق بمقولات مؤيدة لنظام القذافي المنهار، حسب تعبيره. وأفادت مصادر عسكرية وشهود عيان أن ستة صواريخ على الأقل سقطت على المطار، وعلى حديقة الأحياء البرية التي تقع على طريق جانبي متفرع من طريق المطار. ويتعرض مطار طرابلس الدولي والمناطق المحيطة به، منذ 13 جويلية الماضي إلى اشتباكات مسلحة عنيفة بين ثوار الزنتان الذين يسيطرون عليه، وقوات غرفة عمليات ثوار ليبيا وبعض من ثوار مصراتة ومدن الغرب الليبي. وتسببت المعارك التي اندلعت في منطقة مطار طرابلس الدولي والمناطق المجاورة، في خسائر كبيرة، ما أدى إلى نزوح أكثر من 7 آلاف عائلة إلى ضواحي العاصمة. من جهة أخرى، أكد أبوسهمين أن “الكتيبتين ذاتيهما تورطتا في الهجوم على مقر المؤتمر أكثر من مرة، ومداهمته بسيارات حكومية رسمية، مكتوب عليها قوات التدخل السريع وغيرها”، لافتاً إلى أنهم عبثوا بمستندات هامة بالنسبة للدولة الليبية. من جهة أخرى، أفادت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا أن الرئيس الجديد للبعثة والمبعوث الخاص سيتسلم مهامه رسميا مطلع سبتمبر المقبل. وأوضحت البعثة في بيان صحفي، أمس، أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد قام بتعيين برناردينو ليون ممثلا خاصا له ورئيسا لبعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، حيث سيخلف الرئيس السابق اللبناني طارق متري في الأول من سبتمبر المقبل. وكان تقلد الدبلوماسي برناردينو ليون (50 عاما) عدة مناصب مهمة وشغل مؤخرا منصب الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في ليبيا، والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط (2011-2014). كما تقلد مناصب مرموقة للحكومة الإسبانية، بما في ذلك السكرتير العام في مكتب رئيس الوزراء الإسباني (2008-2011) ووزير الدولة للشؤون الخارجية في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون (2004-2008).