قال الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله في إحدى ذكريات المولد النّبويّ الشّريف: ”أيّها المسلمون في مثل هذا اليوم انبثق النّور الّذي هداكم الله به إلى الإسلام، فأخرجكم من الظّلمات إلى النّور وجعلكم خير أمّة أخرجت للنّاس ما دُمتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله. فعودوا إلى حياة النّبيّ الكريم فاستمدّوا منها نور إيمانكم وجدّدوا بها صرح توحيدكم وحصّنوا بها قلوبكم من جهالات الغفلة وظلمات الشّرك ونزغات الشّيطان”. ولكن الواجب في الاحتفال بهذه الذِّكرى الجليلة أن يكون الاحتفال خاليًا من المنكرات والسّيِّئات وممّا تعوّده كثير من النّاس في هذه المناسبة من بدع لا يرضاها الله تبارك وتعالى ولا يرضاها رسوله صلّى الله عليه وسلّم. وخير ما يكون في هذا الاحتفال هو تدارس حياة النّبيّ الكريم وتفهّم العبر والعظات الّتي تحويها هذه الحياة النّبويّة ثمّ السَّير على منهاج هذا الدّين العظيم الّذي جاء به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم والّذي يقول فيه ربّ العزّة جلّ علاه: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} المائدة:15-16. ألَا فليحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بذكريات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حدود الدّرس والعبرة، وليكن احتفالهم مفتاحًا إلى العمل بسُنّة الرّسول المطهّرة والاهتداء به، وعامل وحدتهم وتوحيد صفوفهم وسهمًا قاتلًا في ذات عدوّهم اللّعين ودرعًا متينًا يقي مقدّساتهم من نيل الغاصبين وينير لهم سبل المحبّة بينهم والوحدة والسّلام وتطهر القلوب من كلّ الضّغائن والأحقاد.