كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عن “تقرير أسود” خاص بانعدام التدفئة في المؤسسات التربوية، وأوردت أن غيابها بات يشكل هاجسا وظاهرة يشكو منها التلاميذ والأساتذة، ويصارعون موجة الصقيع التي حولت أقسامهم الدراسية إلى “ثلاجات”، وتساءلت الرابطة عن “وجهة الأموال المرصودة للتدفئة التي فاقت 7200 مليار سنتيم في الخمس سنوات الأخيرة على المستوى الوطني”. أفاد تقرير الرابطة أعده مكتبها في ولاية الشلف المكلف بالملفات الخاصة، تتوفر “الخبر” على نسخة منه، أن “غياب التدفئة بالمؤسسات التربوية يستحق اهتماما بالغا، خاصة بالنسبة للتلاميذ في المدارس الابتدائية، والذين يتحملون مشاق السير لمسافات طويلة في أيام البرد القارص، ويتوقون للشعور بالدفء وهم يدخلون مدارسهم، حتى أن التلاميذ يشاهدون الصقيع داخل أقسامهم، بعد أن تتسرب مياه الأمطار من نوافذ الشبابيك المكسّرة، وفي بعض الأحيان، حسب المعلمين، وجود التبول اللاإرادي لدى بعض التلاميذ داخل قاعات الدراسة نتيجة البرودة الشديدة”. ورصد التقرير وضعية المدارس ونقائص بالجملة تؤرق التلاميذ، في الوقت الذي لم تكلف فيه الجهات الوصية، حسب الرابطة، نفسها عناء التدخل من أجل الوقوف على مشاكل القطاع المطروحة، وهي “النوافذ المحطمة في بعض الأقسام، وجود صفائح من الترنيت في الأسطح، انشقاق الأسقف في بعض الأقسام، أجهزة تدفئة غير مطابقة لمعايير السلامة والأمن، وأخرى غير صالحة، غياب الصيانة لعدم وجود المختصين، انعدام مادة المازوت في بعض الأوقات، وعدم وجود الغاز الطبيعي في المرافق الجديدة التي بُنيت”. وأبرز التقرير أن “الجزائر عادت للعصور الوسطى، فكيف يُعقل أن تحرم مدارس من زجاج النوافذ؟ وكيف يُقبل أن يعاقب التلاميذ بتركهم عرضة للبرد دون رحمة؟ وأين تذهب الأموال المرصودة سنويا لتوفير التدفئة في المؤسسات التربوية؟”، مشيرا إلى أن “الغلاف المالي الذي خصصته وزارة التربية للتدفئة على المستوى الوطني، فاق 7200 مليار سنتيم في خمس سنوات الأخيرة، دون احتساب ميزانيات وزارة التضامن الوطني والأسرة والبلديات “. وسجّل التقرير بأن ولاية الشلف، كمثال، “مازالت متأخرة في مجال توفير التدفئة للمدارس، حيث كشفت بعض الأرقام أن نسبة انعدام التدفئة بالأطوار الثلاثة بلغت حوالي 25 بالمائة، وهو رقم مرتفع مقارنة بالميزانية والأموال الباهظة التي خصصت لأجهزة التدفئة لتحسين ظروف التمدرس للتلاميذ”. ويعيد فحوى التقرير إلى الواجهة التحقيقات التي كانت تفتحها وزارة التربية، حول وجهات الأموال المخصّصة للتدفئة الممنوحة للمجالس الشعبية البلدية، نظرا لتكرار سيناريو انعدام المدفآت عبر المؤسسات التربوية كل موسم دراسي، وارتفاع شكاوى أولياء التلاميذ، رغم الأموال الضخمة المرصودة لتعميم التدفئة عبر المدارس، ولاسيما في المناطق المعزولة.وأطلق سنة 2013 تحقيق تنسيقي بين وزارتي التربية والداخلية، الهدف منه معرفة التوزيع المتعلق بميزانية التسيير والتجهيز التي تدخل في مجالها التدفئة، على أساس أن المبلغ المالي الذي تم ضخه مع الدخول المدرسي 2013/2014 لهذا الغرض، يفوق 800 مليار سنتيم فيما يتعلق بالصيانة و1100 مليار سنتيم لتجديد التجهيزات من بينها المدفآت. ونشرت “الخبر” في وقت سابق، اعترافا ورد في مراسلة لوزير التربية السابق عبد اللطيف بابا أحمد، يخص التدفئة يقول فيه حرفيا: “لقد تناهى إلى علمي أن جملة من المشاكل تعيق السير العادي للتدفئة ببعض المؤسسات التعليمية على اختلاف أطوارها، بالرغم من تأكد مصالح الوزارة بأنّ الاعتمادات المالية المرصودة لهذا الغرض كافية وتتجاوز أحيانا الحاجة المالية الفعلية لذلك”.