بعيدا عن جوانب الإبداع وتنافس الوكلاء والعلامات المصنعة للسيارات للتقرب من الزبائن وتحقيق أكبر قدر ممكن من المبيعات، يعتبر الصالون الدولي للسيارات بالجزائر، الجارية فعالياته حاليا على مستوى قصر المعارض الصنوبر البحري، فرصة أيضا لل”بزناسية” والوسطاء لتحقيق صفقات “تجارية” في أجواء بيع وشراء عادة ما تغلف بالطابع القانوني وفقا للأنظمة السارية المفعول. ويغتنم العديد من “التجار” فرصة فعاليات الصالون الدولي للسيارات لتمرير صفقات الهدف منها غير معلوم بالضرورة، في ظل عدم قدرة المصالح الرقابية المختصة على تتبع بدقة مصادر الأموال وقنوات تداولها، لاسيما بسبب استفحال ظاهرة التجارة والاقتصاد الموازي بالنسبة لسوق العملة الصعبة أو غيرها على السواء. ورغم اعتماد تدابير تشجع استعمال الصك وتوفر عدة شبابيك للوكالات البنكية خصيصا لعملية إيداع وتحويل الأموال في إطار صالون السيارات، إلا أن التعاملات البنكية مازالت لا تغري الكثير الذين يميلون إلى سهولة التعامل نقدا بدلا من تعقيدات الإجراءات البنكية. وعلى هذا الأساس، تمر سنويا الملايير من الدنانير المجهولة المصدر عبر أجنحة الصالون في شكل صفقات “عادية” لشراء السيارات المعروضة من قبل العلامات المشاركة، لتصير بعدها أموالا “نظيفة” يمكن استعمالها في أي مجال، في وقت يتحكم منطق “الشكارة” والتعامل نقدا في المعاملات التجارية والمالية الوطنية، إذ تتم معظم الصفقات نقدا “يدا بيد” دون أن نجد “يدا” للمؤسسات المالية والمصارف، بينما لا ترفض الوكالات هذا النوع من التعامل، حيث أكد البعض منها، في تصريح ل”الخبر”، أن “القانون الساري العمل به في الجزائر لا يمنع ذلك، وأوضحوا أن المتعاملين في سوق السيارات ملزمون بالتقيد بالأنظمة المؤطرة لنشاطهم، في إشارة إلى أن المصالح والوزارات الوصية هي المسؤولة على سن القوانين وفرض أنظمة الرقابة لتجاوز هذه الوضعية، خاصة أن القانون المتعلق بفرض التعامل بالصكوك البنكية في المعاملات التي تساوي أو تفوق 50 مليون سنتيم لم ير النور إلى غاية اليوم، رغم صدوره كقانون منذ بضع سنوات. من جانبهم، اعتبر العديد من المواطنين، التقت بهم “الخبر” في أروقة قصر المعارض، أن التعامل بهذه الطريقة لا يؤثر. وقال محمد (أحد زوار المعرض) إنه شخصيا يتقاضى أجره الشهري نقدا، وأنه لا يملك حسابا بريديا جاريا أو حسابا بنكيا، بل يفضل وضع أمواله في البيت، وأضاف “أنا أتعامل بالنقد مادام القانون والنظام يسمح بذلك”. وذكر سفيان أنه يفضل التعامل بالنقد قائلا “إن استخراج الأموال من البنك أو مكاتب البريد تعتبر أحيانا مهمة شاقة، وقد يؤدي خلل تقني بسيط في النظام الآلي إلى ضياع صفقة معينة بسبب تعطل في استخراج الأموال”، وأشار إلى أن “الجزائر تبقى بعيدة عن تطبيق الدفع الإلكتروني أو عن طريق البطاقات، في حين قد تفرض الضرورة سحب المال في الليل أو خلال عطلة نهاية الأسبوع”. وسطاء يغتنمون فرصة التسليم الفوري والتخفيضات لإجراء الصفقات من ناحية أخرى، يعمل العديد من الوسطاء من أصحاب الأموال على اغتنام الامتيازات والتسهيلات التي يعتمدها الوكلاء المعتمدون للسيارات خلال فعاليات الصالون، كما هو الشأن بالنسبة للإجراءات المتعلقة باحترام التسليم الفوري، على اعتبار أن نسبة كبيرة من مبيعات العلامات المصنعة خلال الصالون تدخل السوق الموازية للسيارات التي تعرف انتعاشا من منطلق عدم تأثرها بإجراءات التسليم التي تعتبر عادة أحد أبرز العراقيل التي يرفعها الزبائن، رغم أن التنظيم الجديد الخاص بنشاط الوكيل المعتمد للسيارات ينص على ضرورة التسليم في أجل أقصاه 45 يوما، تحت وطأة التعرض للإجراءات العقابية. وبالمقابل، فإن هذه الممارسات تغذيها أيضا التخفيضات المقررة من قبل الوكلاء المعتمدين خلال أيام الصالون كوسيلة للدفع بالمنافسة فيما بينها لتشجيع الزبائن على اقتناء سيارة تحمل علامة معينة دون غيرها بحكم السعر، لاسيما في ظل تدني القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، خاصة أن الصالون الدولي للسيارات في طبعته الحالية يأتي في ظروف تتميز بارتفاع أسعار السيارات والتي قد ترتفع أكثر بعد انتهاء فعالياته، ويلجأ الوسطاء، تبعا لذلك، إلى اقتناء سيارات بسعر الصالون لإعادة طرحها للسوق لبيعها بعد ذلك.