سيكون الوضع السياسي والأمني في مالي ومحاربة الإرهاب في الساحل في قلب المحادثات التي ستجمع وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان مع المسؤولين الجزائريين خلال الزيارة التي تقوده إلى الجزائر غدا. تندرج الزيارة في إطار مسعى فرنسي لإقامة حزام أمني يمتد من الحدود الشمالية للساحل إلى نيجريا، حيث تشكل جماعة بوكو حرام تهديدا خطيرا على الأمن بالمنطقة. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن “محيط وزير الدفاع” أمس، أن تنقله إلى الجزائر “يمثل أهمية كبيرة جدا”، وأن الزيارة “نشتغل عليها بكثافة، إذ تشكل فرصة لإجراء حوار رفيع المستوى يشمل تدابير محاربة الإرهاب في الساحل والوضع في مالي”. وأشار مصدر الوكالة إلى أن الزيارة تعد الأولى منذ تعيين لودريان وزيرا للدفاع قبل عامين. ويتضمن برنامج زيارة وزير الدفاع الفرنسي لقاء مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والوزير الأول عبد المالك سلال ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح ووزير الخارجية رمطان لعمامرة، ويغادر لودريان الجزائر في صباح اليوم الموالي. ويندرج تنقل لودريان إلى الجزائر في سياق نشاط فرنسي لافت في مجال الأمن والدفاع يرجح أن الهدف منه هو تكثيف تواجد فرنسا بمنطقة الساحل أساسا وتوسيعها إلى نيجريا. واللافت أنه يتزامن مع الجولة التي يقوم بها وزير الخارجية لعمامرة في بلدان الساحل لتفعيل التنسيق الأمني بين ما يسمى “دول الميدان” التي توجد على خط المواجهة مع الإرهاب. وقد انتهت مساء أول أمس بباريس أشغالُ قمة مصغرة جرت بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وقادة بلدان إفريقية مجاورة لنيجيريا، لبحث تهديدات جماعة بوكو حرام التي تحتجز حاليا أكثر من 200 فتاة. وقال رئيس الكاميرون بول بيا في ندوة صحفية مشتركة “نحن هنا لإعلان الحرب على بوكو حرام”. وأعلن هولاند عن خطة عمل تتضمن تنسيق المعلومات الاستخباراتية وتبادل المعطيات، وعن إنشاء قيادة مركزية لمراقبة الحدود وتأمين وجود عسكري حول بحيرة تشاد، والتجند للتدخل في حال خطر داهم. ولكنه استبعد إرسال قوات عسكرية فرنسية إلى نيجيريا. وقال لعمامرة أمس بباماكو في افتتاح أشغال الدورة الثالثة للجنة الثنائية الاستراتيجية الجزائريةالمالية حول شمال مالي، “إن الجزائر واعية بالمسؤولية التي يتوجب عليها تحملها في حل الأزمة المالية من أجل تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة قصد ضمان انطلاقها الاقتصادي”. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عنه أن “الجزائر تدرك تماما ضرورة تفادي تجارب مماثلة قدر المستطاع (..) وكل يوم وأسبوع يمر هباء بخصوص استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة يكون ضائعا بالنسبة للتنمية والتعايش بين السكان المعنيين”. ودعا لعمامرة إلى “ضرورة حصر آفات ومشاكل الحدود مثل النشاطات الإرهابية، والقضاء عليها تدريجيا بفضل تعاون جميع الهيئات ونشاطات الوقاية”. وأضاف لعمامرة أن الجزائرومالي “تزودتا بخارطة طريق تتكفل بكل التطورات التي طرأت منذ يناير الفارط، من أجل التفكير في مستقبل طموح من خلال اتباع طرق تكون أحيانا سلمية وسياسية، من أجل الوصول إلى حلول ونتائج تحافظ على وحدة وسلامة الدستور المالي”. من جهته، ذكر وزير الخارجية المالي عبدواللاي ديوب أنه “متأكد من المساهمة “الإيجابية جدا التي تقدمها الجزائر من أجل ترقية حوار بناء وصريح بين الأطراف المالية”، وأوضح أن البلدين “سيتوجهان نحو أنجع الحلول من أجل تعزيز السلم والاستقرار في المنطقة. وأشاد ب“المواقف الواضحة للجزائر والمساعدة التي تقدمها لسكان شمال مالي”. مشيرا إلى أن رئيسي البلدين “أعطيا تعليمات واضحة بخصوص تعزيز علاقات التشاور والتفاهم التي بلغت أرقى المستويات من حيث الأعمال الملموسة لتعزيز الاستقرار والسلم في مالي”. وأضاف “ما يجري في مالي لا يعني هذا البلد فقط وإنما كافة بلدان المنطقة، بما أن مصيرها مرتبط بحكم التاريخ والموقع الجغرافي”.