تراوحت مواقف أقطاب المعارضة من قرار جبهة القوى الاشتراكية المشاركة في مشاورات الدستور، بين متوقع لموقفها ومتفاجئ له، إلا أنهم التقوا في أن ”مشاركته من عدمها لن تغير من واقع المشاورات شيئا”. لم يستغرب عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، قرار جبهة القوى الاشتراكية المشاركة في مشاورات الدستور، وقال إن ذلك ”كان متوقعا جدا بالنظر إلى توجه الحزب ومواقفه في الفترة الأخيرة”، لكن مشاركته من عدمها لن تغير، حسبه، من واقع المشاورات شيئا، لأن ”السلطة تقوم بالاستماع فقط للأطراف التي تلتقيها وستفعل في النهاية ما تريد”. وكان أحمد بطاطاش، السكرتير الأول للأفافاس، قد ذكر في ندوة الانتقال الديمقراطي أن ”تجارب العالم الناجحة في الانتقال الديمقراطي هي التي تتم مع النظام وليس بإقصائه”. وحول هذه النقطة قال مقري ”إن طرح الأفافاس يتوافق تماما مع أرضية الانتقال الديمقراطي التي طرحناها”. وعدد مقري ثلاثة أنماط للانتقال الديمقراطي، ذلك الذي يأتي من الأسفل من خلال الثورات وهذا ليس مأمون الجوانب في الجزائر، باعتقاده، والثاني الذي يكون من فوق عبر إحراج السلطة واتجاهها نحو المعارضة، وهو ما ترفضه السلطة اليوم، حسبه، وبقي النمط الثالث الذي ”تبنته ندوة الانتقال الديمقراطي ويدعو إلى الانتقال المتفاوض عليه بين السلطة والمعارضة، وهو نفس ما يدعو إليه الأفافاس”. ولم يشكل إعلان الأفافاس المشاركة في المشاورات مفاجأة أيضا عند جيلالي سفيان، رئيس حزب جيل جديد، لأن ”الأفافاس ترك الباب مفتوحا لإمكانية مشاركته ولم يحسم قراره كما فعلت تنسيقية الانتقال الديمقراطي”. وقال: ”نحن عندما دعوناهم إلى ندوة الانتقال الديمقراطي لم نضع لهم شروطا بل تركناهم أحرارا في موقفهم”. غير أن سفيان لم يستحسن مشاركة الأفافاس، وقال إنه ”كان من الأفضل ألا يشارك، ولا يتعامل مع السلطة بسياسة مسك العصا من الوسط”. وذكر أن التوقيت ليس مناسبا لمحاورة السلطة حاليا، لأن ”المعارضة لا تزال مشتتة ونحن نعمل حاليا على تجميعها حتى تصل إلى المرحلة التي يمكن لها فيها أن تجبر السلطة على تغيير موقفها”. وحول ما إذا كان الأفافاس بموقفه هذا يريد أن يلعب دور الوسيط بين السلطة والمعارضة، قال سفيان: ”نحن لم نطلب من أحد أن يكون جسرا بيننا وبين أحد، فكلنا يملك هواتف السلطة إذا كان الهدف هو لقاءها فقط”. وعكس الموقفين السابقين، تفاجأ جهيد يونسي، رئيس حركة الإصلاح الوطني، وأحد الفاعلين في قطب التغيير، لقرار الأفافاس المشاركة، مستغربا كون ذلك يتناقض مع فكرة الإجماع الوطني الذي يدعو إليها هذا الحزب. وقال يونسي إن ”السلطة ترفض حاليا تماما الإجماع الوطني لأنها لا تحاور من يختلف معها وتناقش فقط من يبارك مساعيها”. وأضاف يونسي أن على السلطة إن كانت لها ”نية صادقة ألا تقفل موضوع المشاورات وتتركه مفتوحا، بل وتوسعه إلى حوار في قضايا أخرى هامة خارج الدستور، بحيث تتفق السلطة والمعارضة معا على تحديد الإشكاليات التي ينبغي التصدي لها وحلها”. ومن هذا المنطلق، اعتبر يونسي أن ”مشاركة الأفافاس لن تغير في واقع الأمر شيئا”.