بعد ما جاء الأمر الإلهي استعدّ موسى للخروج من مصر، وسار بقومه من بني إسرائيل تلقاء بلاد الشّام، ولمّا علم فرعون بخروج موسى ومن معه، جمع جنوده وأسرع في طلب موسى، وما إن وصلوا إلى شاطئ البحر حتّى انفلق البحر أمام موسى ومن معه، وتمهّد الطّريق أمامه لعبور البحر، فأتبعهم فرعون وجنوده للظفر بهم، بيد أنّ اللّه بقدرته العظيمة، وانتقامه لعباده المؤمنين ما إن دخل فرعون البحر حتّى انطبق عليهم فأغرقهم أجمعين، ولمّا أدرك الغرق فرعون أقرّ بالألوهية للّه تعالى، وجاءه الردّ الإلهي سريعًا ومباشرًا بأنّ الوقت قد فات، وأنّ المصير الّذي ينتظره لا مفرّ منه، وأنه سيكون عبرة لمَن بعده من الظالمين والطاغين والمتجبّرين والمتكبرين. بعد أن أغرق اللّه فرعون ونجا موسى ومن معه من بني إسرائيل، سار موسى بقومه إلى بيت المقدس، وحدث له في طريقه قصة مع قومه، نعرض لها في موضوع آخر. قصة عبادة بني إسرائيل العجل بعد أن أهلك اللّه فرعون وجنوده، سار موسى عليه السّلام ببني إسرائيل إلى بيت المقدس، ثمّ تركهم مستخلفًا عليهم أخاه هارون، وذهب لمناجاة ربّه، وفي تلك الأثناء جاءه الخبر الإلهي بما أحدثه قومه في غيبته من عبادة العجل، بعد أن زيّن لهم ذلك شخص يدعى السّامري-نسبة إلى السّامرة من مدن فلسطين- وقالوا عندما رأوا العِجل الّذي صنعه لهم السّامري: هذا إلهكم وإله موسى فاعبدوه؛ لأنّ موسى نسي إلهه هنا، وذهب ليبحث عنه في مكان آخر. وقد نصَح هارون عبدة العجل من قومه قبل رجوع موسى عليه السّلام إليهم، فبيَّن لهم أنّهم على ضلال مبين بعبادتهم هذا العجل، الّذي لا يضرّ ولا ينفع، وأنّ المعبود الحقّ إنّما هو اللّه وحده، وحثّهم على العودة واتّباع الحقّ الّذي عليه هو وأخوه موسى. بيد أنّ هذه النّصيحة لم تجد آذانًا صاغية، بل قابلت تلك النّصيحة بالاستخفاف والاستهزاء، والتّصميم على المضي قُدُمًا في طريق الضّلال.