قال الله تعالى: {وإذا سألَكَ عِبادي عنِّي فإنِّي قريبٌ أُجيبُ دعوةَ الدّاعي إذا دَعَان فليستجيبوا لي وليُؤمِنوا بي لعلّهم يرشدون}. وقال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”الدعاء هو العبادة، ثمّ قرأ {وقال ربُّكم ادعوني أستجب لكم}”. وقال أيضا: ”إنّ ربَّكم تبارك وتعالى حَيِيٌّ كريم يستحيي مِن عبده إذا رَفَع يديه إليه أن يردَّهُما صفراً خائبتين”. إنّ شهر رمضان المبارك لفرصة سانحة مباركة يتقرّب فيها العبد إلى ربّه بسائر القُربات وعلى رأسها الدعاء، ذلكم أنّ مواطن الدعاء ومظانّ الإجابة تكثُر في هذا الشّهر، كما أنّه في هذا الشهر أكثرُ تأثيراً منه في سائر الأيّام وفي سائر اللّيالي، وأقرب إلى الاستجابة منه في سائر الأوقات. عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”إنّ لله تبارك وتعالى عُتقاء في كلّ يوم وليلة -يعني في رمضان- وإنّ لكلّ مسلم في كلّ يوم وليلة دعوة مستجابة” رواه أحمد. ولعلّ هذا هو السرّ في ذِكره تعالى للآية الكريمة: {وإِذا سَألَك عِبادي عنِّي فإنِّي قريبٌ أجيبُ دعوةَ الدَّاع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون} البقرة:186، إرشاداً إلى الاجتهاد في الدعاء وسؤال الله من فضله العظيم في كلّ وقت وعند كلّ إفطار وفي السّحر وعلى كلّ حال. وللدعاء آداب مهمّة، أولاها أن يُخلِص العبد في دعائه لله تعالى، والدعاء بأسماء الله الحُسنى وصفاته العُلى والثّناء عليه وحمده، والدعاء بالخير والبُعد عن الإثم وقطيعة الرّحم والاستعجال، وحُسن الظنّ بالله تعالى، وإطابة المأكل والمشرب والملبس، وتحرّي أوقات إجابة الدعاء وذلك نحو الدعاء في شهر رمضان عامة وفي ليلة القدر خاصة وجوف اللّيل الآخر ودُبُر الصّلوات المكتوبات وبين الأذان والإقامة وساعة من كلّ ليلة وعند النِّداء للصّلوات المكتوبة وعند نزول الغيث وعند زحف الصفوف في سبيل الله وساعة من يوم الجمعة وأرجح الأقوال فيها أنّها آخر ساعة من ساعات العصر يوم الجمعة وقد تكون ساعة الخطبة والصّلاة، وعند شرب ماء زمزم مع النّية الصادقة وفي السجود وعند الاستيقاظ من النّوم ليلاً والدعاء بالمأثور في ذلك وإذا نام على طهارة ثمّ استيقظ من اللّيل ودعا وعند الدعاء ب”لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنتُ من الظّالمين” والدعاء بعد الثناء على الله والصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعند دعاء الله باسمه الأعظم الّذي إذا دُعيَ به أجاب وإذا سُئل به أعطى ودعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب ودعاء يوم عرفة في عرفة وعند اجتماع المسلمين في مجالس الذِّكر وعند الدعاء في المصيبة ب«إنّا لله وإنّا إليه راجعون اللّهمّ أجِرْني في مُصيبتي وأخْلُف لي خيراً منها”. والدعاء حالة إقبال القلب على الله واشتداد الإخلاص ودعاء المظلوم على مَن ظلمه ودعاء الوالد لولده وعلى ولده ودعاء المسافر ودعاء الصّائم حتّى يفطر ودعاء الصّائم عند فطره ودعاء المُضطر ودعاء الإمام العادل ودعاء الولد البار بوالديه والدعاء عقب الوضوء إذا دعا بالمأثور في ذلك وغير ذلك من الأوقات.