انتقلت حمى الخلافات والصراعات بين التنظيمات السلفية الجهادية بسرعة من سوريا إلى الجزائر، بعد أن قرر عدد من أعضاء مجلس أعيان تنظيم القاعدة الجهر بالولاء لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وفوق هذا انتقدوا ما أسموه انحراف منهج تنظيم القاعدة في بلاد المغرب. وتتابع مصالح الأمن الجزائرية باهتمام كبير أنباء متسارعة حول انشقاقات كبيرة في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحالة تمرد يقودها عدد من أمراء التنظيم ضد عبد المالك درودكال من أجل إزاحته عن الإمارة والإسراع في إعلان الولاء لأمير الدولة الإسلامية في العراق. وقال مصدر أمني إن الانشقاق بدأ قبل أكثر من شهر وإن القاعدة قد تتحول إلى تنظيمين أحدهما يتبع البغدادي والثاني يوالي أيمن الظواهري. واعترف قاضي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب في بيان جديد بوجود حالات انشقاق جماعية في التنظيم، وقال في البيان الذي نشر في موقع إلكتروني مقرب من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ”فبعد أن تبين للمجاهدين الصادقين انحراف نهج القاعدة -القيادة العامة وفرع مغرب الإسلام- عن سبيل الحق، وبعد أن بذل المجاهدون في أرض الجزائر -منطقة الوسط- النصح والبيان مرارا وتكرارا لقيادة القاعدة في المغرب الإسلامي دون أن يؤثر ذلك فيهم فيرجعوا إلى الحق انقيادا وامتثالا، أعلنا موقفنا منهم ومن منهج القاعدة عامة، وتبرأنا إلى الله من منهجهم السلمي ورايتهم التي غدت غير واضحة المعالم، وذلك قبل إعلان الخلافة الراشدة، حيث عزمنا على فراقهم ومفاصلتهم ليظهر الحق ويتبين”. وانتقد قاضي تنظيم القاعدة المغاربي أبو عبد الله عثمان العاصمي أو ما يسمى ”شرعي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب” في بيان جديد، صراحة أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب عبد المالك درودكال، ووصف إمارته للتنظيم بالانحراف بعد أيام قليلة من تداول تسجيل صوتي لقاضي القاعدة حول تأييده ل ”الدولة الإسلامية”، وأشار إلى أن القاعدة في بلاد المغرب انحرفت عن الحق، وفي ذات السياق قال القيادي في كتائب الصحراء ”أبو حفص إبراهيم” في تغريدة عبر ”تويتر” في موقع لتنظيم ”داعش”، ”إن كثيرا من الإخوة مازالوا على بيعتهم للظواهري، ولكن المشكلة أن جماعة الوسط في القاعدة بالمغرب قد اختلفوا واعتزل عدد منهم الأمر وكل يدعي أنه هو القاعدة بالمغرب”. وقال أبو عبد الرحمن المهاجر القيادي في كتائب الصحراء في تغريدة أخرى ”لا أدري ما الذي يمنعكم من البيعة للبغدادي، فلو تأخرتم اليوم لم تزالوا مؤخرين، وإن سبقتم اليوم اقتدى الناس بكم وجمعتم كلمة المسلمين على معنى الجماعة الحق، جماعة المسلمين المجتمعة على إمام واحد”. وتأتي هذه التطورات بعد أيام من إعلان القيادي في التوحيد والجهاد حمادة ولد محمد الخيري عن تأييده لداعش. وبدأت قصة التمرد على قيادة عبد المالك درودكال، حسب مصدر أمني رفيع، في بداية شهر جوان الماضي، بعد أن تواترت الأخبار حول النزاع في أعلى هرم التنظيمات السلفية الجهادية في العالم، بين أيمن الظواهري أمير تنظيم القاعدة القيادة العامة من جهة وأمير داعش، حول تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق إلى سوريا، ورأى عدد من أعضاء مجلس الأعيان في التنظيم أن درودكال لن يحسم موقفه من خلع البيعة التي أعطاها لأمير القاعدة القيادة العامة للظواهري، وهو ما يناقض الموقف الأول لعبد المالك درودكال الذي انتقد علنا وفي بيان نشر قبل أكثر من سنة جهود تجنيد الجهاديين الجزائريين والمغاربيين للقتال في سوريا، هذه الجهود التي تمت بمباركة أيمن الظواهري، واعتبر أن انتقال الجهاديين إلى سوريا يعني خسارة الحرب ضد فرنسا في شمال مالي، وكان هذا الموقف في البداية يعني أن درودكال يقف ضد جبهة النصرة التي احتضنت في البداية الجهاديين القادمين من دول المغرب العربي، ورغم أن انتقاد درودكال لعمليات تجنيد الجهاديين كان يعني انتقادا مباشرا للظواهري، إلا أن درودكال بقي على بيعته القديمة للظواهري.