كانت اللؤلؤة المنسية “تمنارت” ضحية همجية العشرية الحمراء التي قضت على أحلامها، ولم تستطع وعود المسؤولين أن تبعث بها على الرغم من توفرها على عدة مؤهلات من شأنها أن ترقى بها إلى مصاف أرقى المناطق السياحية الجزائرية، وهو ما سعت عدة أطراف لتجسيده ووقف في وجهه سوء التسيير واللامبالاة، ما ترك هذا الموقع الخلاب يحتضر منذ ثمانينيات القرن الماضي في ظل غياب أي اهتمام مركزي بهذا الموقع. ولم يدم فتح شاطئ “تمنارت” إلا موسما واحدا فقط، حيث عاد هذه السنة إلى الغلق في وجه المصطافين من قبل اللجنة الولائية بحجة عدم تمكن مصالح بلدية الشرايع من رفع بعض التحفظات التي تكون اللجنة قد دونتها في تقريرها في بداية السنة، عند مراقبتها لوضعية شواطئ الولاية. غير أن هذا القرار لم يحرم آلاف المصطافين ومنهم كبار المسؤولين في الدولة ممن يقصدونه من التمتع بمناظره الطبيعية العذراء التي جمعت بين زرقة البحر واخضرار الطبيعة على مدار السنة، وهو المعروف بشاطئ “الذكريات”. ويستند شاطئ “تمنارت” على مرتفعات جبال بوقرون الغنية بأشجار الفلين والجوز، بالإضافة إلى بساتين متعددة الثمار وأزهار أشجار الدفلة التي تبعث في نفوس هواة الاستجمام الإحساس بمتعة الراحة والسكينة هروبا من ضوضاء المدينة، إذ يشهد الشاطئ إقبالا كبيرا من قبل المصطافين والوافدين إليه من كل ولايات الوطن نظرا للهدوء والسكينة التي تطبعه وتميزه. من خلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها “الخبر” إلى عين المكان، وقفنا على حقيقة الجريمة التي ارتكبها المسؤولون في هذا الشاطئ بفعل الإهمال والنسيان الذي طاله، رغم جمال المكان الذي مازال على حاله ولم يشهد أي عملية استثمارية، رغم اعتباره منطقة عذراء بإمكانها جلب السياح من كل دول العالم بفضل موقعه الاستراتيجي الممتاز، إذ وأنت تقصد شاطئ “تمنارت” أهم ما يلفت انتباهك في الطريق وجود أشجار الدفلة على جنبات الوادي الذي ظل يغذي البحر بالمياه العذبة، وهي تلوح بأغصانها رونقا وكأنها ترحب بزوارها مع إشراقة شمس الصباح وعلى غروبها تودعهم في لوحة فنية رائعة. ولم يشفع لسكان منطقة “تمنارت” وقوفهم في وجه الجماعات الإرهابية طيلة عقد من الزمن ولا تاريخها الحافل بالذكريات، لتنال نصيبها من برامج التنمية السياحية التي من شأنها أن تخرجها من محنتها وترفع عنها الغبن، بعد أن تأكد على الواقع أن مشاريع التنمية لن تتجاوز في أحسن الأحوال الوعود، رغم توفر كل المؤهلات التي تجعل من المنطقة “جنة”. وكان والي سكيكدة الحالي عند زيارته للمكان، قد أمر بإعادة فتح الشاطئ بعد 13 سنة من القطيعة وأمر باستغلال إمكاناته، بما فيها الثروة السمكية التي يتوفر عليها شاطئ “تمنارت”، حيث وجد شباب المنطقة مبتغاهم في ممارسة مهنة الصيد، إذ يستغلون حلول موسم الاصطياف للاستفادة من القوارب الصغيرة التي يستعملونها للصيد وبيع الأسماك الطازجة، وبأسعار معقولة، لكسب قوت يومهم، في ظل البطالة التي يعيشونها، فهم يستنجدون بالمسؤولين لبناء هياكل وتجهيزات سياحية جديدة تساهم في رفع مستوى اقتصاد البلدية وتوفير مناصب الشغل.