استغربت النقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، من “خرجة” وزارة التربية الأخيرة، التي أمرت من خلالها مديري الثانويات بتطبيق تعليمة منح الإعادة مرة في الطور لكل تلميذ، وقالت على لسان رئيسها مزيان مريان، إن على الوزيرة مراجعة “الخلل” الموجود في هذه التعليمة بدل مطالبة مصالحها بالصرامة في تطبيقها. وبحسب محدثنا، فإن مضمون التعليمة يتسبب سنويا في طرد ملايين التلاميذ إلى الشارع، ممن رسبوا في امتحان شهادة البكالوريا، على اعتبارها تحرمهم من فرصة ثانية، كونهم أعادوا إحدى السنتين الأولى أو الثانية، ومعنى ذلك، يضيف، أن الوصاية تتحمل مسؤولية التسرب المدرسي الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح مديرو الثانويات لا يترددون في توجيه تلاميذ النهائي الراسبين في البكالوريا إلى الحياة العملية، ضاربين عرض الحائط بنفسية هؤلاء التلاميذ الذين بلغوا مستوى معينا من الدراسة، ولّد لديهم عقدة تحول دون اندماجهم في عالم الشغل. وهنا بالذات، طالب مزيان مريان وزارة التربية بالاعتماد على الموضوعية في تسيير شؤون القطاع، خاصة أقسام النهائي، فلا يجب “الترصد” للتلميذ بمجرد تعثره في اجتياز عقبة البكالوريا، لتوجيهه إلى الحياة العملية، بتخصصات لا يقبلها كالنجارة مثلا والبناء، ولابد في هذا الإطار من متابعة التلميذ في مختلف الأطوار، واتخاذ قرار تحويله إلى مراكز التكوين المهني، قبل بلوغه مرحلة النهائي، بشكل يجعله يتقبل هذه التخصصات دون أي عقدة. وطالب مزيان بالعودة إلى الأقسام الخاصة، لاحتضان تلاميذ النهائي، ولو تطلب الأمر، يقول، إخضاعهم لحجم ساعي خاص، يمكنهم من إعادة السنة ضمن القوائم الرسمية، مثلما كان معمولا به في السنوات الماضية، دون اللجوء إلى اجتياز الامتحان في قوائم الأحرار. من جهته، اتهم المكلف بالإعلام على مستوى المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع الثلاثي للتربية “كناباست” مسعود بوديبة، صراحة وزارة التربية، بتشريد ملايين التلاميذ سنويا من مدارسهم، والزج بهم إلى الشارع، بسبب سوء تخطيطها، ومعالجتها لمختلف الأزمات التي تواجه الدخول المدرسي كل سنة، بطريقة فوضوية بعيدا تماما عن العقلانية ومصلحة التلميذ. وبحسب نفس المتحدث، فإن مديري الثانويات، الذين توعدتهم الوزيرة، ليسوا مسؤولين عن حرمان التلاميذ من اجتياز امتحان شهادة البكالوريا مرة ثانية، وإنما الاكتظاظ الذي تعاني منه الثانويات، هو من يحول كل مرة، دون إعادة إدماج هؤلاء المتمدرسين، فعدد التلاميذ في القسم الواحد يتجاوز أحيانا 50 تلميذا، وفي وقت كان على الوزارة معالجة هذا المشكل الكبير، لجأت إلى إرسال تعليمة في الوقت “بدل الضائع”، فمثل هذه التدابير كان لابد من اتخاذها في شهر أوت، قبل التحاق التلاميذ بمقاعد الدراسة. وقال بوديبة إن تعليمة الوزارة ليست سوى رد فعل على أزمة كبيرة تتعلق بتسرب ملايين التلاميذ الراسبين في البكالوريا، إلى الشارع، وهي إجراءات ستزيد من تعقيد وضع المؤسسات التربوية، التي تواجه سنويا مشاكل متراكمة وكبيرة، بالنظر إلى الأفواج المتجولة التي لم تجد لغاية اليوم في العديد من الثانويات حجرات تؤويها، وهو الوضع الذي يفرز احتجاجات محلية داخل هذه المؤسسات، يصعب تسييرها، قبل أن تتفاقم وتتحول إلى احتجاجات وطنية من “افتعال” الوزارة.