تسافر أخبار التفجيرات من العاصمة بغداد، كل يوم عاجلا إلى وكالات الأنباء، دون أن يكون وقعها على النفوس مفجعا لدى العراقيين، فالقلوب في النجف وغيرها من محافظاتالعراق جفت من الألم والحزن المتزاحم على أبواب عاصمة الرشيد على مدى التاريخ. سعى مهرجان الغدير للإعلام الذي تنظمه قناة الغدير العراقية، أمام هذا المشهد، إلى توثيق صور جرائم الإبادة الجماعية، والتهجير وتدمير الأماكن “المقدسة”، منذ عهد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، حتى عهد أبو بكر البغدادي، الذي ولد بشكل سريع ومفاجئ كعنوان عريض لأبرز الأحداث الأمنية الساخنة ليس فقط في العراق وإنما في العالم. وجدت منظمة بدر الشيعية الذي يقودها القيادي الشيعي البارز هادي العامري، من التاريخ الشامي أوراقا تدفع بالعراقيين نحو قناعة وضع يدها بقوة في يد النظام السوري، الذي يقوده الرئيس بشار الأسد، وسط أمواج الحرب، التي تتجه بحسب أخبار القتل والتفجيرات نحو التناحر الطائفي، بعد أن فشل مشروع إسقاط النظام السوري بحجة الديكتاتورية، فصور بشار بالنجف يمكنها أن تزاحم صور كبار علماء الشيعة وقادتها اليوم، كما يعكس معرض مهرجان الغدير. منذ أن أعلن القائد الشيعي على السيستاني الذي يعتبر الأكثر إتباعا في النجف مؤخرا الجهاد ضد “داعش”، باسم “الجهاد الكفائي”، حقق الجيش العراقي انتصارات كبيرة على الميدان ضد التنظيم، وجعل من علاقة الشيعة في النجف بالرئيس بشار الأسد أكثر وضوحا، خصوصا وأنها الفتوى الأولى من نوعها للسيستاني، في تاريخ شيعة النجف، منذ أن نزح إليها علماء بغداد سنة 448 هجري، فالنجف تواصل إحياء ذكرى الغدير الأكثر تقديسا بالنسبة للشيعة لارتباطها بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وحادثة الخلافة الأولى، وأصبحت بوصلتها باتجاه ريادة تدريس النحو والصرف، وعلوم البلاغة والمنطق، والفقه الشيعي وأصوله، بعد أن ضاعت في زحام الطائفية والحروب. لكن المفارقة أن يحول “الربيع العربي” ما يكمن وصفه بغريم الأمس إلى صديق مرحب به جدا، بعد أن التف شيعة النجف بكل حب حول التيار العلوي الذي ينتمى إليه بشار الأسد، حرصا على شيعة سوريا وحماية لمقدساتهم في دمشق، تحديدا مقام السيدة زينب والسيدة رقية، ورغم ذلك فلم ينس الشيعة في النجف معاناتهم مع حزب البعث الذي ينتمى إليه بشار الأسد. تتصدر معرض الغدير الثامن للإعلام، مشاركة القنوات السورية ممثلة أساسا بالتلفزيون السوري، إلى درجة أن الافتتاح عرف إلقاء وزير الإعلام السوري الزعبي كلمة أشار فيها أن مصير شيعة العالم - وتحديدا النجف الأشرف كما يصفها سكانها الموشحة نساؤهم بالسواد الدائم - واحد في مواجه تنظيم ما يعرف ب”داعش”، فهذه الدولة التي تزعم الإسلام ويقود صفها البغدادي، لا يوجد لها حضن دافئ وسط الشيعة في أي مكان، لهذا يبدو سكان الجنوب العراقي الذي تنتشر به الغالبية الشيعية، أكثر اطمئنانا أمام الأخبار القادمة عبر وكالات الأنباء، والتي تشير إلى زحف داعش القريب نحو بغداد، وهو ما عكسته ثقة الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري خلال كلمة افتتاح مهرجان الغدير الثامن للإعلام في النجف الأشرف، عندما أشار إلى أن توظيف الإعلام في محاربة إرهاب “داعش” والوقوف بوجه الإشاعات المغرضة، أمر مهم لمستقل العراق، من خلال تعزيز دور التاريخ لمواجهة تقارير الوسائل الإعلامية المغرضة من وجهة نظره، التي تسعى إلى بث الرعب لدى العراقيين عبر نقل الأخبار كاذبة، في مقابل نشر الصور التي تفضح جرائم داعش.