تُعد الحكومة عبر وزارة الصناعة والمناجم، قائمة من المؤسسات الوطنية التي تعرضت في مرحلة سابقة للخوصصة وبيع أسهمها لصالح مؤسسات أجنبية، في سياق إعادة الأمور إلى نصابها عن طريق مجموعة من عمليات التأميم التي تصب في خانة استرجاع الحكومة زمام سيطرتها على الشركات العمومية سابقا، إثر بيعها للمستثمرين بأسعار متدنية جراء عدم قدرتها على المواصلة في الإنتاج أو منافسة المنتجات الموجودة في السوق وتحمل تبعات نفقات أجور العمال والمستخدمين من ناحية أخرى. أوكلت الحكومة، حسب مصادر مطلعة، القيام بهذه المهمة لوزارة الصناعة والمناجم، للانطلاق في جولات من المفاوضات مع مختلف المتعاملين الأجانب الذين انطلقت مشاريعهم قبل بداية العمل بمبدإ 51/49 المنصوص عليه في قانون المالية التكميلي لسنة 2009، في محاولة لإصلاح القرارات المتخذة قبل ذلك بشأن السياسة الاستثمارية، مخافة الدخول في مشاكل على صعيد التحكيم الدولي في تقييم القيمة الفعلية للمشاريع، في حالة إعلان المؤسسات المستثمرة تصفية أعمالها وبيع أسهما من جهة وتمسك الحكومة بضرورة تطبيق حق الشفعة من الجهة المقابلة. وتعمل الوزارة التي أعيد إليها قطاع المناجم في التعديل الحكومي الماضي على منح الأولوية الى القطاعات “الاستراتيجية” ذات العلاقة بتطوير النشاط الصناعي بشكل عام، مثل ما هو الحال بالنسبة لمركب الحجار عنابة لصناعة الحديد والصلب، الذي نجحت الحكومة قبل بضعة أشهر في شراء 51 في المائة من أسهمه، في سياق إنقاذه من المشاكل المالية التي يعاني منها والتي خلّفت تراجعا كبيرا في الإنتاج وتسجيل عجز يصل حسب الأرقام الرسمية الأخيرة إلى 1.7 مليون طن، من منطلق أن الإنتاج لم يتعد حدود 300 ألف طن من الحديد، إلى جانب مناجم الونزة وبوخصرة في ولاية باتنة المسترجعة من طرف الحكومة قبل يومين والتي تعتبر أكبر ممون للحجار بالمادة الأولية. وتفضل الحكومة حسب البرنامج المقرر عدم الانتظار إلى غاية استعمال حق الشفعة الذي يخول لها قانونا استعادة المشاريع الاستثمارية الخاصة بالأجانب في حالة استعدادها لتصفية نشاطها في الجزائر، كما هو الحال بالنسبة للعديد من المؤسسات والمصانع، على غرار متعامل الهاتف النقال “جازي” ومصنع العجلات المطاطية الفرنسي “ميشلان”، وإنما تهدف إلى التفاوض مع المؤسسات الناشطة في السوق الوطنية فعليا من أجل شراء غالبية أسهمها وتحقيق نسبة الأغلبية بالنسبة للمساهمين، من خلال الاعتماد تارة على الاحتياط الموجود في الصندوق الوطني للاستثمار وتارة أخرى عبر التمويل بواسطة القروض البنكية. وبالإضافة إلى تمكين البرنامج المسطر لتأميم المصانع والمؤسسات العمومية المخوصصة الحكومة من استباق تطبيق حق الشفعة، إذ أن هذا الأخير يتم بطريقة آلية في حالة إبداء “الشريك” الأجنبي رغبته في التخلي عن نصيبه من الأسهم، فإن هذه الآلية من شأنها كذلك تحقيق تحكم السلطات العمومية في تسيير المشاريع بحكم امتلاكها لغالبية الأسهم ومراقبة التزام الطرف الأجنبي بتطبيق الواجبات التعاقدية، لاسيما بعد اكتشاف العديد من التجاوزات والخروقات في التقييد بالالتزامات المنصوص عليها في عقود الاستثمار من قبل المؤسسات الاستثمارية.