مثلت قضية ضبط مبلغ مليون أورو في الجنوب، قبل عدة أشهر، لدى عامل في مخيم صيد تابع لأمير قطري، حادثة فريدة من نوعها، حيث أفرجت مصالح الدرك الوطني في بريان بغرداية عن العامل بعد تدخل شخصية نافذة في إمارة قطر. وأكدت تحقيقات الدرك الوطني بعد إيقاف سائق يعمل لصالح أمراء قطريين في شطر الطريق الوطني رقم واحد الرابط بين غرداية والأغواط في مدخل بلدية بريان، أن مبلغ المليون أورو كان في طريقه إلى أحد تجار العملة غير الشرعيين في غرداية، ومنها إلى منطقة أدرار أين يصل في النهاية إلى تجار المخدرات في أقصى الجنوب، ورغم هذا فقد تم إقفال القضية بحجة أن الأموال ذات صفة دبلوماسية، وهو ما يتعارض مع القانون الجزائري، حيث لا يجوز للأجانب حتى لو توفرت لهم الصفة الدبلوماسية خرق قانون النقد الجزائري. وتؤكد مصادر أمنية أن سوق العملة غير الشرعية خاصة في ورڤلة وغرداية وأدرار وتمنراست ترتبط بصفة وثيقة بتهريب الأسلحة والمخدرات، بسبب بعد هذه المناطق عن الموانئ أين تنشط عمليات الاستيراد والتصدير. وقالت ذات المصادر الأمنية إن بعض الدولارات التي ضبطت مع إرهابيين ينتمون لحركة التوحيد والجهاد تبين، بعد تتبع مصدرها عن طريق قنوات مصرفية في إطار قوانين مكافحة تبييض الأموال، أن مصدرها هو مصرف في دولة الإمارات العربية المتحدة، لكن التحقيق الذي تم قبل سنوات لم يثبت إن كانت أموالا جاءت مع أمراء خليجيين جاءوا لممارسة الصيد أو لا. ويحتاج مهربو المخدرات المغربية كل أسبوع إلى ما لا يقل عن 10 ملايين أورو يحصلون عليها من السوق الموازية، من أجل شراء الكيف المغربي من التجار المغاربة، بالإضافة إلى دفع العمولات للعصابات الإجرامية التي تسيطر على الطرق المؤدية إلى مصر ومالي والنيجر وليبيا. ويبيع مهربون الأورو بعمولة تصل إلى 1000 دينار عن كل 100 أورو قرب الحدود الجنوبية، مهما بلغ سعر الأورو في السوق السوداء، ما يعني أن سعره يصل إلى 1600 دينار. كما تلتهم التجارة الدولية للمخدرات في أقصى الجنوب ما لا يقل عن 20 مليون أورو كل أسبوع، حسب ما وصل إليه التحقيق في قضية حيازة 1.3 مليون ورو من قبل مهربين. وكشفت مصادرنا بأن المهربين تعودوا على نقل مبالغ مماثلة كل أسبوع بعد شرائها من تجار في العاصمة وجيجل وقسنطينة ووهران، لكنهم كانوا يبيعون مبالغ كبيرة بالدولار الأمريكي الذي يحصلون على كميات كبيرة منه من تجار المخدرات المصريين. وتواصل مصالح الأمن المتخصصة التحقيق مع موقوفين في قضية حيازة 1.3 مليون أورو، حيث توصل المحققون إلى معلومات جديدة حول مصير الأموال بالعملة الأوروبية التي حصل عليها المهربون من شبكات في الجزائر. وكشفت مصادر مقربة من التحقيق بأن الموقوفين تعودوا على نقل مبالغ تتراوح بين 1 و2 مليون أورو من مدن منها العاصمة وجيجل ووهران وقسنطينة، وبيعها لمهربين في مدينة تمنراست، وفي حالات قليلة يعيد هؤلاء بيع كميات من العملة الأمريكية، الدولار، في السوق السوداء في وهران والعاصمة، بعد الحصول على سيولة كبيرة من الأموال. وتكمن المشكلة لدى المهربين في أنهم يشترون الكيف المغربي بالعملة الأوروبية الموحدة الأورو ويبيعونها بالدولار الأمريكي لتجار مخدرات من مصر، وهو ما يجعلهم في حاجة دائمة للعملة الأوروبية. وتقدر مصالح الأمن أن رقم أعمال عصابات تهريب المخدرات في الساحل بما لا يقل عن 400 مليون دولار، حيث كشف معد دراسة وهو الأستاذ بوشغي سليم أثناء إعداد جزء من بحث اقتصادي شمال الجزائر وموريتانيا خلال نهاية عام 2010، بأن رقم الأعمال هذا تقريبي فقط حيث قد يصل إلى 4000 مليار سنتيم، أو 500 مليون دولار. كما أشار تقرير معهد التجارة الإحصاء، حسب المتحدث، والمعتمد من طرف الدولة، إلى أن عائدات تهريب المخدرات تفوق في بعض الأحيان قيمتها هذا الرقم، خاصة بعد اختفاء أجهزة الأمن في ليبيا وتراجع دور مصالح الأمن المصرية.