لم تستطع الحكومة هذه المرة وعلى لسان وزير الطاقة والمناجم، يوسف يوسفي، إخفاء حقيقة خطورة الوضع بعد انهيار أسعار البترول تحت مستوى 70 دولارا وانعكاسات ذلك على سياساتها الاقتصادية، خاصة التكفل بنفقاتها، حيث أكد يوسفي أن الحكومة لم تبق مكتوفة الأيدي، وتستمر في الحوار مع مختلف الفاعلين في السوق النفطية من منتجين ومصدّرين لتقليص فائض المعروض من الخام. وقال يوسف يوسفي الذي نزل أول أمس ضيفا على التلفزيون الجزائري، إن منظمة البلدان المصدّرة للبترول “أوبك”، يمكن أن تعقد اجتماعا طارئا قبل الجلسة المقررة في جوان لبحث كيفية التقليص من فائض إمدادات النفط العالمية، والتي تسببت في انهيار أسعار البترول. بالمقابل، كشف المسؤول الأول عن قطاع الطاقة، عن اجتماع سيجمع أكبر منتجي النفط في العالم شهر فيفري المقبل، الاجتماع الذي لم يتم دعوة الجزائر لحضوره. وأوضح يوسفي الذي حاول طمأنة الرأي العام، أن اجتماع منظمة أوبك الأخير، سجل انقسام المواقف بين الأعضاء، الأول والذي ساندته الجزائر ودول أخرى مثل فنزويلا رافعت للتخفيض من سقف الإنتاج بمليون ونصف برميل يوميا حفاظا على مستوى الأسعار ومداخيل الدول الأعضاء. أما الموقف الثاني والذي دافعت عنه السعودية، هذه الأخيرة التي تجنب الوزير ذكرها بصريح العبارة، إلى جانب أعضاء آخرين رفضوا مقترح الجزائر، فقد جاء مؤيدا لاستمرار الإنتاج في مستوى السقف الحالي، بهدف الحفاظ على حصة “أوبك” في السوق وعدم تعويضها بالبترول الصخري الأمريكي. في نفس السياق، ذكّر الوزير بمواقف مماثلة، كانت الجزائر قد نجحت من خلالها في تمرير مقترحها المتعلق بخفض الإنتاج، مثل اجتماع أوبك المنعقد سنة 2008 بوهران بالجزائر، والذي سمح برفع الأسعار. وأكد المستشار في الطاقة، مقيدش مصطفى، أن موقف السعودية لا يخدم هذه الأخيرة، التي تحتاج إلى أسعار مرتفعة للتكفل باحتياجاتها الأمنية في المنطقة، قائلا إن “السعودية لعبت بالنار” وأن مشكل ميزان القوة بين أعضاء أوبك من خلال توزيع الحصص لم يتم التخلي عنه بعد. على صعيد آخر، فنّد وزير الطاقة اعتماد أسعار تفضيلية لشحنات الغاز التي سيتم تصديرها إلى مصر، مؤكدا “أن سوناطراك لم تعمد أبدا سعرا سياسيا”، وأن دعما في هذا الإطار قد يكون في إطار الميزانيات المتعلقة بالتعاون مع الدول. أما عن فصل سعر البترول عن الغاز، كشف الوزير عن ضغوطات تمارسها دول الاتحاد الأوروبي على الجزائر للقيام بذلك. من جهته، أكد الرئيس المدير العام الأسبق لسوناطراك، عبد المجيد عطار أنه من مصلحة الجزائر البقاء داخل المنظمة، مشيرا إلى أن مصلحة الجزائر حاليا تكمن في الرفع من الأسعار والتقليص من الإنتاج. وحسب عطار، فإن موقف الدفاع عن الحصة ليس في صالح أي دولة، معتقدا أن الأمر يتعلق ب “مخطط سياسي للضغط على بعض الدول مثل روسياوفنزويلا وإيران”. ولم يخف الوزير تخوفه من استمرار انهيار أسعار البترول، موضحا “أن انخفاض أسعار البترول يعني انخفاض طاقات الإنتاج على المدى الطويل، ما ليس في صالح البلدان المصدّرة والمستهلكة وحتى الصناعة البترولية. وبخصوص برمجة قانون مالية تكميلي لتقليص النفقات، أوضح يوسفي أن الحكومة لم تناقش حتى الآن أية تخفيضات في الإنفاق بسبب هبوط الأسعار.