أغلب العمليات المعلن عنها من قبل وزارة الدفاع الوطني قامت بها مفارز القطاع العملياتي لتمنراست وعين ڤزام، في إطار تأمين الحدود ومحاربة التهريب والجريمة المنظمة، بينما كانت آخر عملية، تمت أول أمس، حينما تمكنت مفارز للجيش تابعة للقطاعين العملياتيين بإقليم الناحية العسكرية السادسة، من توقيف 19 مهربا من جنسيات إفريقية مختلفة وحجز سيارة رباعية الدفع ومبالغ مالية معتبرة وأجهزة اتصال متطورة. لكن تبدو العملية التي قام بها القطاع العملياتي لتمنراست وعين امڤل وبرج باجي مختار، يوما قبل العملية الأولى، هي العملية الأكثر أهمية إثر توقيف قوات الجيش 121 مهرب من جنسيات إفريقية مختلفة وحجز 6 سيارات ودراجات نارية و2680 لتر من الوقود ومبلغ مالي. وتضاف هاتان العمليتان إلى حصائل شبه يومية لوحدات الجيش التي أوقف فيها ما لا يقل عن 350 مهرب، بين منتصف شهر نوفمبر الماضي ويوم أمس، أغلبيتهم الساحقة إفريقيون، وبرز معطى تراجع تورط جزائريين في عمليات التهريب، قبل أشهر قليلة، موازاة مع القبضة الأمنية التي أحكمتها قوات الجيش، بعدما أعطت مكافحة التهريب طابعا لا يختلف عن مكافحة الإرهاب، وتضاعفت حصيلة الجيش في إحباط عمليات تهريب ومحاولات تسلل إرهابيين، بسبب تراجع دور “الدليل الصحراوي” لدى المهربين، الأمر الذي غالبا ما يضع المهربين في مواجهات مباشرة مع قوات الجيش لجهلهم بمنافذ التسلل. ومنذ بداية العام الجاري تقريبا، ألقت قوات الجيش القبض على قرابة 150 مهرب جزائري من أصل حوالي 1020 مهرب إفريقي، وتتوزع جنسيات المهربين، بين النيجريين والغينيين والليبيين والتشاديين والماليين، وأيضا الجزائريين، غير أنه اكتشف أنه في العديد من العمليات التي يقوم بها الجيش، تجتمع كل هذه الجنسيات في عملية تهريب واحدة ولا يكون من بين المتورطين فيها جزائريون، بينما عمليات أخرى تجتمع فيها كل هذه الجنسيات، كما أن عدد الجزائريين المتورطين بها ضئيل جدا ولا يتعدى واحدا في البعض منها. وبالأرقام، كذلك، وحسب حصائل وحدات الجيش التي تركزت أغلبها بولاية تمنراست وعين ڤزام وجانت وعين امڤل وأماكن صحراوية أخرى متاخمة للحدود، فإنه تم حجز 25 ألف كلغ من المخدرات وهو عدد أكبر مما تم حجزه خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، كما تم إحباط تهريب أكثر من 75 ألف لتر من الوقود، مع العلم أن عملية تهريب واحدة من ثلاثة يكون فيها الوقود مادة التهريب الأساسية، ثم تأتي بعدها المخدرات والمواد الغذائية، الأمر الذي يفسر ربحية تجارة البنزين في الدول الإفريقية الجارة، وكذلك ارتباط هذه المادة بنشاطات الجماعات الإرهابية في الساحل، واعتمادها عليها في تنقلات عناصرها. وفي هذا السياق، قضت قوات الجيش والدرك الوطنيين على أكثر من 93 إرهابيا، نسبة معتبرة منهم بالشريط الحدودي الذي يمر على تمنراست وعين ڤزام. كما تظهر هذه الحصائل الارتباط الوثيق بين ما يتم حجزه من وقود ومخدرات ومواد غذائية مع الإرهاب والجريمة المنظمة في المنطقة، مع الإشارة إلى أنه في أغلب الحالات التي يتم فيها القبض على مهربين، تسترجع الوحدات العسكرية كميات معتبرة من الأسلحة والأجهزة التكنولوجية، أهمها أجهزة الاتصالات. واستفيد أن قوات الجيش بصحراء تمنراست، التي أصبحت المنفذ الوحيد للمهربين، استفادت من إفادات لإرهابيين، كانوا يخططون لضرب هيئات أمنية بتمنراست، أوائل شهر نوفمبر المنصرم، وكانت الاعتداءات مبرمجة من معاقل إرهابيين بصحراء أدرار، أعدت لها كتيبة تابعة لمختار بلمختار، لكن سقوط خمسة من عناصرها في كمين لقوات الجيش برڤان أحبط المحاولة، بينما أوقف مبحوث عنهم لاحقا بولاية تمنراست. واللافت، أن ارتفاع وتيرة الحرب على الإرهاب والمهربين جنوبا، تزامن مع حالة الاستنفار التي أعلنتها قيادة أركان الجيش الشعبي الوطني، خاصة منذ شهر ماي الماضي، موازاة مع تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا ولجوء الجماعات الإرهابية إلى الساحل كملاذ لها. وكانت قيادة الأركان أرسلت تعدادا بخمسة آلاف جندي إلى الحدود مع ليبيا لمنع تسلل العناصر الإرهابية وتسريب السلاح. كما عززت من التواجد العسكري على الحدود مع مالي والنيجر، لنفس الغرض، من أجل تفادي تكرار اعتداء “تيڤنتورين”.