تعجّ مختلف محاكم الوطن ومجالس التأديب التابعة لمنظمة المحامين بالعشرات من القضايا والتجاوزات وحتى الجرائم القانونية التي يقع فيها محامون يملكون خبرة العشرات من السنين، ليتحول رجال القانون وأصحاب الجبة السوداء إلى متهمين في نظر القانون ويقفون في نفس الخط مع المطلوبين للعدالة، ما جعلنا نرصد بعض الحالات التي زجت بمحامين وراء القضبان، فيما لايزال آخرون تحت طائلة المساءلة القانونية، أما البعض الآخر فقد تمت معاقبتهم داخليا وجردوا من صفة المحامي. طالبت نيابة محكمة الجنح بسطيف، نهاية الأسبوع، بتسليط عقوبة 3 سنوات حبسا نافذا مع غرامة 50 ألف دج نافذة ضد محامية طبقا للمادة 166 من قانون السجون، حيث بعد إحالتها من قاضي التحقيق على محكمة الجنح للمحاكمة عن تهمة تسليم محبوس مراسلة في غير الحالات المقررة قانونا، وحسب ما دار في أطوار الجلسة التي حضرتها “الخبر”، فإن المحامية أنكرت التهم المنسوبة إليها مؤكدة أن خطيبة المحبوس “ب.م” طلبت منها تسليم رسالة إليه بشكل عاجل، لكنها فضلت في النهاية عدم تسليمها، ما جعله يسرقها من بين أوراق الملف، وعند تفتيشه من طرف أعوان السجن تم العثور عليها، حيث تساءل القاضي عن سرعة فتح المحبوس الرسالة بمجرد انصرافه من مقابلة المحامية. ورغم أن المحاكمة تفادت ذكر محتوى الرسالة، إلا أن مصادر مؤكدة كشفت أن الرسالة توصي المتهم بأن قضيته سيتم التلاعب بها بمساعدة أطراف نافذة من أجل تحويل الحكم لصالحه، خاصة أن خطيبته شرطية، حيث تم متابعة المحامية جزائيا مع فتح تحقيق قضائي ضدها بالغرفة الرابعة عن الوقائع المنسوبة إليها، وبسبب حساسية القضية طالب دفاع المحامية بأن تكون الجلسة سرية، غير أن القاضي رفض في انتظار الحكم في القضية يوم الأربعاء القادم. محامٍ أم سمسار؟ وفي السياق نفسه تحصلت “الخبر” على ملف ثقيل تورط فيه أحد المحامين، غير أن اللافت في القضية هو المزج الكبير بين مهنته كرجل قانون وبين كونه سمسارا للعقارات، حيث أقدم أحد رجال الأعمال بتاريخ 23/03/2014 على تقديم شكوى عاجلة إلى نقابة المحامين، يؤكد فيها تفاجئه بوجود قضية إدارية باسمه تحت رقم 188 رفعها محامٍ ضد المحافظة العقارية بسطيف تخص إحدى التعاونيات العقارية، وهذا من أجل تمرير عقد بيع به الكثير من الشبهات والتجاوزات ومبالغ مالية بالمليارات. وأكد رجل الأعمال في رسالته بأنه لم يوكل المحامي، بل طالبه بإرجاع أمواله التي أخذها منه بعد اكتشافه بأنه وقع ضحية نصب واحتيال في قضية عقارية كبيرة. من جهة أخرى، تحصلت “الخبر” على وثيقتين تبرأ من خلالهما كل من السيد “س. ب” و؛ز.س” من توكيلهما لأحد المحامين المشهورين بسطيف، مؤكدين أنهما لم يرفعا أي قضية، غير أن اسميهما زج بهما في قضية عقارية أخرى دون علمهما. من جهة ثانية، تنظر محكمة سطيف في الأسابيع القادمة في قضية أخطر جريمة تزوير تورط فيها أحد المحامين الذي يوجد رهن الحبس رفقة اثنين من شركائه، بعد تورطهم في قضايا تزوير وتلاعب في الدفاتر العقارية، زيادة على تقليد أختام رسمية للدولة من أجل الإيقاع بالكثير من الضحايا، خاصة أن المحامي رجل قانون ظهرت عليه علامات الثراء منذ مدة، حيث تقدّم الممثل القانوني للمحافظة العقارية بسطيف، بتاريخ 20 أكتوبر 2013، إلى مصالح الأمن من أجل تقديم شكوى بالنصب والاحتيال التي تعرض لها، إذ تم تزوير أحد الدفاتر العقارية من أجل بيع قطعة أرضية لأحد الخواص بحي بيلير الواقع وسط مدينة سطيف، والتي تبلغ قيمتها أكثر من ملياري سنتيم، حيث تم ترصد تحركات المحامي المشتبه به الرئيسي في القضية، ليتبين أن العصابة تستعمل موقعا للأنترنت من أجل الترويج لعمليات بيع وشراء العقارات والقطع الأرضية، فتمّ نصب كمين للمحامي من أجل شراء قطعة أرضية، مع وضع مكالماته تحت التنصت، ليباغت المحامي في سيارته الفارهة، حيث عثر بداخلها على الكثير من الأوراق المزورة بما فيها دفاتر عقارية معدة للترويج. وعند تفتيش منازل جميع المتهمين بما فيها مكتب المحامي، تم العثور على محفظة تحتوي على الكثير من الأوراق المزورة وأختام مقلدة، وتم إيداع الجميع الحبس المؤقت، بتهم التزوير واستعمال المزور وتكوين جماعة أشرار، إضافة إلى النصب والاحتيال وانتحال الصفة. أحكام قضائية مزورة وهو ما وقع مؤخرا لمحامية معتمدة بمجلس قضاء البليدة، وجدت نفسها وراء القضبان بعد أن قدمت ملفا قضائيا لهيئة المحكمة تضمّن حكما قضائيا صادرا عن المحكمة العليا، تبين أنه مزوّر، حيث تمت متابعتها بجناية التزوير واستعمال المزور في محررات رسمية. تفجير القضية الحالية جاء عقب تقديم المحامية “ن.خ” ملفا قضائيا كاملا أمام هيئة قضائية على مستوى محكمة حسين داي بالعاصمة، هذا الملف الذي تضمن حكما قضائيا مزورا صادرا عن المحكمة العليا. وبعد أن تفطنت الهيئة القضائية إلى وجود هذا الحكم المزور في الملف، قررت تحريك قضية تزوير ضدها، حيث تم ترسيم شكوى على مستوى مصالح الشرطة القضائية لأمن المقاطعة الإدارية لحسين داي. وبعد سماع المحامية من قبل وكيل الجمهورية، أمر بإيداعها الحبس المؤقت إلى حين الفصل في قضيتها، هذا الأمر الذي أيده بدوره قاضي التحقيق بمحكمة حسين داي، ويتواصل التحقيق معها بخصوص اشتباه تورطها في جناية التزوير واستعمال المزور في محررات إدارية، حيث قام قاضي التحقيق بإرسال المستندات لغرفة الاتهام، ولاتزال المحامية إلى غاية كتابتنا هذه الأسطر تقبع في المؤسسة العقابية بالحراش، منتظرة بذلك إحالتها على المحاكمة. التهمة نفسها التي توبعت بها المحامية بمجلس قضاء البليدة، وجهتها محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة لمحامٍ أدانته بعقوبة 3 سنوات حبسا نافذا بعد متابعته بجناية التزوير في محررات رسمية والنصب والاحتيال. حيثيات القضية تعود إلى سنة 2002، عندما تعرف الضحية على المحامي وطلب منه أن يرفع له قضية بخصوص الميراث. وبعد أن باشر المحامي القضية وتمت جدولتها بالمحكمة، أظهر الضحية ترددا في ذلك وطلب من المحامي التنازل عن القضية كونه يريد حل القضية بشكل ودي مع عائلته، وفعلا قضت المحكمة بالتنازل عن القضية. وبعد مدة من الزمن قصد الضحية المتهم مرة ثانية، وطلب منه أن يرفع له قضية ضد مستشفى مصطفى باشا بشأن تعرض ابنه لخطأ طبي، وبخصوص الأتعاب اتفق معه أن تكون جزءا من التعويض الذي سيحصل عليه. إلا أن المحامي تماطل في ذلك، حيث قصده الضحية وطلب منه إثباتا بخصوص مباشرته القضية وفعلا قدم له عريضة، وبعد مدة قدم له حكما قضائيا يقضي بإجراء خبرة على ابنه لتحديد الخطأ، وكذا إرساله إلى الخارج من أجل العلاج، إلا أن الحكم الذي كان مكتوبا بواسطة آلة راقنة كان فيه جزء غير ظاهر ومكتوب بخط اليد، وعندما تقدم الضحية من الغرفة الإدارية اكتشف أن الحكم مزور. وبالعودة إلى جميع هذه الحالات، فإن الأمر يتعلق دائما بهضم حقوق المتقاضين والتلاعب بالقانون الذي يبقى فوق الجميع، فيما يبقى السؤال مطروحا حول العديد من المتابعات التي تمت في حق محامين جزائيا، حيث قام نقيب المحامين بتوقيفهم مباشرة فور إخطاره من النيابة، إلا أن المحامين الذين جاء ذكرهم في هذا الملف، ورغم إحالتهم على محكمة الجنح للمحاكمة، لم يتم توقيف نشاطهم المهني إلى غاية كتابة هذا الأسطر.